للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لله تعالى١، وقد اتفق ذلك للحبر شيخ الإسلام ضياء الدين عبد الملك إمام الحرمين عند ختم كتابه الحفيل الجليل المسمى بنهاية المطلب٢، فإنه عقد مجلسا لتتمته حضره الأئمة والكبار، وختم الكتاب على رأس الإملاء والاستملاء وتبجح الحاضرون، لذلك وضع وليمة لحاضري مجلسه، حكاه جماعة منهم ابن السبكي٣ في طبقاته٤، ولما فرغ شيخ الإسلام ابن حجر شرحه على البخاري المسمى بفتح الباري٥ عمل وليمة حافلة بالمكان الذي بناه المؤيد٦ خارج القاهرة بين كوم الريش ومنية الشيرج، ويسمى بالتاج والسبع وجوه في يوم السبت ٨ شعبان سنة ٨٤٢، وكان المصروف في الوليمة على ذلك نحو خمسمائة دينار٧، سئل الإمام أبو عبد الله التلمساني٨ عن كثرة تصانيف هذه الأمة واشتغالها بالتصنيف فقال: هذا من فوائد تحريم الخمر عليها وهو قول بديع، ومما يلحق بذلك ختم إقراء الكتب أيضا، وهي سنة كثير من العلماء المعتبرين الورعين، وفي ذلك مصالح وحكم لطيفة تنوف عن الحصر والضبط، والله يعلم المفسد من المصلح.


١ القرطبي ١/ ٤٠.
٢ هو كتابه: "نهاية المطلب في دراية المذهب" انظر الخبر في طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٧٧، ١٧٨.
٣ هو أبو نصر، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي: قاضي القضاة، المؤرخ الباحث، ولد في القاهرة، وانتقل إلى دمشق مع والده فسكنها وتوفي بها بالطاعون سنة ٧٧١هـ، قال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجرِ على قاضٍ مثله. الدرر الكامنة ٣/ ٣٩، والأعلام ٤/ ١٨٤.
٤ طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ١٧٧-١٧٨.
٥ بشرح صحيح البخاري، وقد طبع في ١٤ مجلدا، وهو من أهم الشروح، وليس بعده شرح.
٦ هو الملك المؤيد شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري، أبو النصر، من ملوك الجراكسة بمصر والشام، المتوفى سنة ٨٢٤هـ. الأعلام ٣/ ١٨٢، وخطط المقريزي ١/ ٤٨١.
٧ انظر نزهة النفوس والأبدان ٤/ ٦١-٦٤، والذيل على رفع الإصر ص٨٠.
٨ هو أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن علي الإدريسي الحسيني العلويني، المعروف بالشريف التلمساني: باحث من أعلام المالكية، انتهت إليه إمامتهم بالمغرب، نشأ بتلمسان، ورحل إلى فاس، وبقي يدرس فيها إلى أن توفي فيها سنة ٧٧١هـ. الأعلام ٥/ ٣٢٧.

<<  <   >  >>