للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: يا غلام من أين لك هذا؟ ١ فقال: لأنك حدثتني عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن٢ عن أم سلمة٣ أن فاطمة بنت قيس٤ قالت: يا رسول الله، إن أبا جهم٥ ومعاوية٦ خطباني، فقال: "أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه"، وقد علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبا جهنم كان يأكل وينام ويستريح، وقال: لا يضع عصاه عن عاتقه على المجاز٧، والعرب تجعل أغلب الفعلين كمداومته، ولما كان صياح قمري هذا أكثر من سكوته جعلته كصياحه دائما، فتعجب مالك من احتجاجه وقال له: أفتِ فقد آن لك أن تفتي، فأفتى في ذلك السن رضي الله عنهما.


١ حياة الحيوان الكبرى ٢/ ٢٢٣.
٢ هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، من فقهاء المدينة السبعة الذين ذكرهم عبد الله بن المبارك، توفي سنة ١٠٤هـ. طبقات الفقهاء ١/ ٤٤.
٣ هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية الأوسية: من أخطب نساء العرب، ومن ذوات الشجاعة والإقدام، وفدت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة الأولى للهجرة فبايعته وسمعت حديثه، وحضرت وقعة اليرموك، فكانت تسقي الظماء وتضمد جراح الجرحى، توفيت نحو سنة ٣٠هـ. الأعلام ١/ ٣٠٦.
٤ فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس الأمير: صحابية، من المهاجرات الأول، كانت ذات جمال وعقل، ولها رواية للحديث، وفي بيتها اجتمع أهل الشورى لما قتل عمر، وتوفيت نحو سنة ٥٠هـ. الإصابة ٨/ ٢٧٦، وتهذيب التهذيب ١٢/ ٤٤٣.
٥ هو أبو الجهم بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي، قيل في اسمه عامر، وقيل عبيد: صحابي، من مسلمة الفتح، كان من معمري قريش، ومن مشيختهم، واشترك في بناء الكعبة مرتين: في الجاهلية، وفي الإسلام، وهو أحد الأربعة الذين دفنوا عثمان، وله خبر مع معاوية، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم النسب، وقالوا: إنه كان ضرابا للنساء، توفي نحو سنة ٧٠هـ. وفيات الأعيان ٢/ ٥٣٥، والسير ٢/ ٥٥٦.
٦ قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: إن الخاطب هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وهو الصواب، وقيل: إنه معاوية آخر، وهو غلط نبهت عليه لئلا يغتر به، وأوضحته في تهذيب الأسماء واللغات في ترجمة معاوية. شرح النووي على صحيح مسلم ١٠/ ٩٨.
٧ الحديث رواه مسلم ١٤٨٠، وانظر الموطأ ٢/ ٥٨٠ و٥٨١ في الطلاق، وأبو داود ٢٢٨٤ في الطلاق، والرسالة للشافعي فقرة ٨٥٦، والسير ٢/ ٥٠٢ و٥٥٧، وانظر الإصابة ٦/ ٢٣٩، و ٧/ ٦١، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يضع عصاه عن عاتقه" فيه تاويلان مشهوران؛ أحدهما: أنه كثير الأسفار، والثاني: أنه كثير الضرب للنساء، وهذا أصح، والعاتق هو ما بين العنق إلى المنكب.

<<  <   >  >>