للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدين" ١، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع"٢، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إذا جلسوا كان حديثهم الفقه إلا أن يقرأ رجل سورة، أو يأمر بقراءة سورة٣.

إذا علمت ذلك فاعلم أن القسمين الأولين٤ هما أصلان للثالث؛ لأن استمداده منهما ومن مضمونهما استنبط واستخرج ولكنه فضل عليهما؛ لأنه النتيجة والمقصود منهما غالبا؛ ولذلك كان من الفقهاء الحكام والمفتون، لا من المفسرين والمحدثين الخالين عن الفقه، وسيظهر لك من الفصل الثاني ما يدل لذلك، ثم ما عدا ما ذكر من العلوم ليس بعلم شرعي، ولكن بعضها من توابعه والنافع فيه كعلم النحو والتصريف واللغة والحساب النافع في قسمة المواريث ونحو ذلك.

وأما علم أصول الفقه فلا يُنفى عن الشرع، بل هو أُسُّ الفقه والمعول عليه فيه، وأما علم أصول الدين فهو من أهم العلوم وأعظمها والمقصود هو ما يتعلق بمعرفة الله تعالى وصفاته، وما يجب له، ويمتنع عليه، وما يرد به على المبتدعة، بخلاف الخوض في الكلام والجدل وإقامة الشبه ونحو ذلك فهو مذموم حرام، بل هو بالجهل أشبه منه بالعلم، بل الجهل خير منه وأسلم، وعليه يحمل التحذير منه الوارد عن السلف، وسيأتي ذلك في الفصل الثاني، والله تعالى أعلم.


١ رواه الترمذي ٢٦٨٥ في العلم، وانظر فيض القدير ٣/ ٥٨٧، وجامع الأصول ١١/ ٥٧٠.
٢ مسند الشهاب ٢/ ٢٤٩، والفردوس بمأثور الخطاب ١/ ٣٥٤.
٣ طبقات ابن سعد ٢/ ٣٧٤.
٤ أي: التفسير والحديث.

<<  <   >  >>