للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الثاني: آداب المعلم مع طلبته]

...

القسم الأول: آداب المعلم مع طلبته ١:

فمن ذلك إذا لمح في المتعلم خيرا، وآنس فيه رشدا، ينبغي له أن يؤدبه على التدريج بالآداب السنية، والشيم المرضية، والدقائق الخفية، ويعوِّده الصيانة في جميع أموره الكامنة والجلية، فيحرضه بالأقوال والأفعال على الإخلاص والصدق وحسن النيات، ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات، وأن يداوم على ذلك حتى الممات، ويعرفه أن بذلك تنفتح عليه أبواب المعارف، وتنفجر من قلبه ينابيع الحكمة واللطائف، ويوفق للإصابة في قوله وفعله.

ومن ذلك أن يرغبه في العلم٢، ويذكره بفضائله وفضائل العلماء، وأنهم ورثة الأنبياء، وأنهم على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء، ونحو ذلك مما ورد في فضل٣ العلم والعلماء من الآيات والأخبار، والآثار والأشعار، ويرغبه مع ذلك بتدريج على ما يعين على تحصيله من الاقتصار على الميسور، وقدر الكفاية من الدنيا، والقناعة بذلك عن شغل القلب بالتعلق بها، وتفريق الهم بسببها.

ومن ذلك أن يحب له ما يحب لنفسه٤، ويكره له ما يكره لنفسه من الشر، ففي الصحيحين: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ٥


١ انظر تذكرة السامع والمتكلم، وهو الفصل الثالث فيه، وعنوانه فيه: "في أدب العالم مع طلبته مطلقا في حلقته".
٢ تذكرة السامع ٤٨.
٣ انظر جامع العلم وفضله لابن عبد البر ١/ ٦٣، ٩٩، ١٣٣، ١٤٩.
٤ تذكرة السامع ٤٩.
٥ حديث صحيح رواه البخاري ١/ ١٤ حديث رقم ١٣، ومسلم ١/ ٦٧ و٦٨، وابن حبان ١/ ٤٧٠-٤٧١، والترمذي ٤/ ٦٦٧، و٥/ ٨٠، والنسائي ٨/ ١٢٥ و١١٥، وتحفة الأحوذي ٦/ ٦٢ و٧/ ١٨٤ و٨/ ٦، وفتح الباري ١/ ١٣٨ و٢٨٣، وشعب الإيمان ٣/ ٢٦١، وفيض القدير ١/ ١٧٦، ٢/ ٣٦٢، ٣/ ٢١٧ و٣٩١ و٤/ ٢٦.

<<  <   >  >>