للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البكاء عامًّا يشمل بكاء الطفل، وبكاء المرأة، وبكاء الرجل، ولكنك إذا أضفته إلى نكرة وقلت: "أسمع بكاء طفل" تكون قد خصَّصْتَهُ وضيَّقتَ عُمومَه، وتسمى الإضافة في أمثلة هاتين الطائفتين وأشباهها "إضافة مَعْنَويَّة" لأنها أفادت المضاف أمراً معنوياً, وهو التعريف أو التخصيص.

انظر إلى المضاف في كل مثال من أمثلة الطائفتين الأخريين تجده لم يكتسب بالإضافة تعريفاً ولا تخصيصاً١، غير أنك إذا نظرت إليه في هذه الأمثلة من حيث لفظه، وجدت أن الإضافة قد أكسبته التخفيف بحذف تنوينه إن كان منوناً في الأصل، أو حذف نونه إن كان مثنى أو جمع مذكر سالماً؛ ومن أجل ذلك تسمى الإضافة هنا "إضافة لفظية". وكذلك الحال في كل إضافة لا يستفيد فيها المضاف إليه تعريفاً ولا تخصيصاً.

ولو أنك وازنت بين أمثلة الإضافة اللفظية، وأمثلة الإضافة المعنوية، لوجدت فرقاً واضحاً، ففي كل مثال من أمثلة الإضافة اللفظية ترى المضاف وصفاً٢، وترى المضاف إليه معمولاً في المعنى للمضاف٣، أما في أمثلة الإضافة المعنوية فليس الأمر كذلك.

ارجع إلى الأمثلة جميعها مرة ثانية وتأمل المضاف وحده، تجده مجرداً من أل في جميع أمثلة الإضافة المعنوية، أما في أمثلة الإضافة اللفظية فإنك تجده مرّة مجرداً من أل كما في أمثلة الطائفة الثالثة، ومرَّة مقروناً بها


١ أما أنه لم يكتسب التعريف؛ فلأن "صانع" من قولك: "صانع المعروف" يصح أن توصف به نكرة فيقال: "رأيت رجلا صانع المعروف" وهذا دليل على بقاء تنكيره، وأما أنه لم يكتسب التخصيص؛ فلأن تخصيص الصنع بالمعروف في "صانع المعروف" ليس بجديد، لحصوله قبل الإضافة في نحو: فلان صانع معروفا.
٢ المراد بالوصف كل اسم دال على ذات متصفة كصانع ومحمود وسريع، فإن اللفظ الأول مثلا يدل على ذات متصفة بالصنع.
٣ فلفظ "المعروف" من قولك: "صَانِعُ المعْرُوفِ مَشْكورٌ" مثلا مفعول به في المعنى لصانع.

<<  <  ج: ص:  >  >>