للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذه الأشكال "البصرية" ما يعتمد في إصدار العلامات الاصطلاحية على وسائل أخرى غير الإشارة بأعضاء الجسم الإنساني، وذلك كالضوء والرايات وما أشبههما.

٢- والأشكال السمعية لهذه الأنظمة الاصطلاحية غير الكلام الإنساني يقوم أغلبها على الاستعانة بآلات وأدوات معينة -غير جهاز النطق الإنساني- لإصدار ضجات "= أصوات" خاصة جرى الاصطلاح على أنها رموز لمعان معينة. ومن ذلك لغات الطبول، الذائعة عند زنوج إفريقيا، ونقل الرسائل بطبول في الشمال الغربي من الأمازون.

وليست هذه الأنظمة مقصورة على المجتمعات التي جرى العرف بتسميتها "بدائية"، أو "غير متمدنة" إلخ، ولكنها ذائعة الاستعمال كذلك في المجتمعات "الراقية" "المتمدنة"، فأرقى المجتمعات المعاصرة تستعمل رنات الأجراس ودقات النواقيس للدلالة على معان اصطلاحية، ولتوصيل معان، كما هو الحال في الكنائس والمعابد والمدارس. وأصوات الأبواق والنوافير وما إليها تستعمل في الجندية والمعسكرات للتحية ولإصدار "أوامر" خاصة كالاستدعاء، والانصراف، والإيذان بمواعيد الطعام ... إلخ. ومن هذه الأشكال السمعية ما يعتمد في إصدار أصواته على جهاز النطق الإنساني نفسه كالأنظمة التي تستعمل "الصفير" استعمالا اصطلاحيا.

ب- هذه الأنظمة المختلفة من "العلامات" لما كانت شريكة "اللغة" في طبيعة "الأصل" الذي يقوم عليه كل منهما، فهي جديرة بأن تدرس معها. ودراسة "اللغة" على هذا الاعتبار جزء من ذلك العلم الناشئ الذي يتخذ موضوعا له دراسة استعمال العلامات الاصطلاحية ووظيفتها في المجتمعات، والذي اقترح له فرديناند دي سوسير اسم١ La Semiologie "السيمولوجيا، أو علم العلامات" من الكلمة اليونانية Semeion، بمعنى "علامة".

١- هذا العلم لم ينضج، ولا يزال العلماء المختصون يدرسون مناهجه ووسائله ومسائله ويضيفون إليه. ومن شأن هذا العلم أن يستخدم من نتائج علم النفس الاجتماعي٢، وعلم الاجتماع وعلم الأجناس البشرية ما يمكنه من


١ انظر Cours de Linguistique Genirale pp ٣٢-٣٥.
٢ Sociod psychology.

<<  <   >  >>