للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنفس بالحمى مطلول أرض (١) ... فأودع نشره نشراً شمالا فصبحت العيون إلي كسلى تجرر فيه أرداناً خضالا

أقول وقد شممت الترب مسكاً بنفحتها يميناً أوشمالا

نسيم جاء يبعث منك طيباً ويشكو من محبتك اعتلالا

ولما تقرر عند ناصر الدولة من أمره ما تقرر، وتردد على سمعه انتهاكه وتكرر، أخرجه من بلده ونفاه، وطمس رسم فسقه وعفاه، فأقلع إلى المشرق وهو جار، فلما صار من ميورقة على ثلاثة مجار (٢) ، نشأت له ريح صرفته عن وجهته، إلى فقد مهجته، فلما لحق بميورقة أراد ناصر الدولة إماحته، وأخذ ثأر الدين منه وإراحته، ثم آثر صفحه، وأخمد ذلك الجمر ولفحه، وأقام أياماً ريحاً علها تزجيه، ويستهديها لتخلصه وتنجيه، وفي أثناء بلوته، لم يتجاسر أحد على إتيانه من إخوته، فقال يخاطبهم:

أحبتنا الألى عتبوا علينا فأقصرنا وقد أزف الوداع

لقد كنتم لنا جذلاً وأنساً فهل في العيش بعدكم انتفاع

أقول وقد صدرنا بعد يوم أشوق بالسفينة أم نزاع

إذا طارت بنا حامت عليكم كأن قلوبنا فيها شراع

وله يتغزل:

بني العرب الصميم ألا رعيتم مآثركم بآثار السماح

رفعتم ناركم فعشا إليها بوهن فارس الحي الوقاح

فهل في القعب فضل تنضحوه به من محض ألبان اللقاح

لعل الرسل شابته الثنايا بشهد من ندى نور الأقاح


(١) م: روض.
(٢) المطمح: جوار.

<<  <  ج: ص:  >  >>