للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلوا {قاف والقرآن المجيد} وتدبروا جواب قسم الذاريات والطّور لاح لهم نجم الحقيقة وانشق لهم قمر اليقين فنافروا السآمة، ذلك بأنهم أمنهم الرحمن إذا وقعت الواقعة واعترف بالضعف لهم الحديد وهزم المجادلون وأخرجوا من ديارهم لأوّل الحشر يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين حين نافروا السلامة.

أحمده حمد من امتحنته صفوف الجموع في نفق التغابن فطلق الحرمات حين اعتبر الملك وعامه، وقد سمع صريف القلم وكأنه بالحاقة والمعارج يمينه وشماله وخلفه وأمامه، وناح نوح الجن فتزمل وتدثر فرقاً من يوم القيامة، وأنس بمرسلات النبإ فنزع العبوس من تحت كور العمامة، وظهر له بالانفطار التطفيف فانشقت بروح الطارق بتسبيح الملك الأعلى وغشيته الشهامة، فورب الفجر والبلد والشمس والليل والضحى لقد انشرحت صدور المتقين، حين تلوا سورة التين، وعلق الإيمان بقلوبهم فكل على قدر مقامه يبين، ولم يكونوا بمنفكين دهرهم ليله ونهاره وصيامه وقيامه، إذا ذكروا الزلزلة ركبوا العاديات ليطفئوا نور القارعة، ولم يلههم التكاثر حين تلوا سورة العصر والهمزة وتمثلوا بأصحاب الفيل فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، أرأيتهم كيف جعلوا على رؤوسهم من الكور عمامة، فالكوثر مكتوب لهم والكافرون خذلوا وهم نصروا وعدل بهم عن لهب الطامّة، وبسورة الإخلاص قروا وسعدوا وبرب الفلق والناس اتسعاذوا فأعيذوا من كل حزن وهمّ وغمّ وندامة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله شهادة ننال بها منازل الكرامة، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه ما غردت في الأيك حمامة؛ انتهت.

وممّن نسبها للقاضي عياض الشيخ أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي العباس أحمد بن أبي جمعة الوهراني، وفي نفسي من نسبتها له شيء لأن نفس القاضي في البلاغة أعلى من هذه الخطبة، والله تعالى أعلم.

وكنت رأيت بتلمسان المحروسة بخط عمّي ومفيدي وليّ الله تعالى العارف

<<  <  ج: ص:  >  >>