للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروف بشيخ الشيوخ الإمام المفتي الخطيب سيدي سعيد بن أحمد المقّري - صبّ الله عليه سجال الرضوان - خطبةً من هذا النمط نصّها:

[خطبة على مثالها لأبي جعفر الطنجالي]

الحمد لله الذي افتتح بفاتحة الكتاب سورة البقرة ليصطفي من آل عمران رجالاً ونساء وفضّلهم تفضيلاً، ومدّ مائدة أنعامه ورزقه ليعرف أعراف أنفال كرمه وحقّه على أهل التوبة وجعل ليونس في بطن الحوت سبيلاً، ونجّى هوداً من كربه وحزنه، كما خلّص يوسف من سجنه وجبّه، وسبّح الرعد بحمده ويمنه، واتخذ الله إبراهيم خليلاً، الذي جعل في حجر الحجر من النحل شراباً نوّع باختلاف ألوانه، وأوحى إليه بخفي لطفه سبحانه، واتخذ منه كهفاً قد شيد بنيانه، وأرسل روحه إلى مريم فتمثل لها تمثيلاً، وفضّل طه على جميع الأنبياء فأتى بالحج والكتاب المكنون، حيث دعا إلى الإسلام قد أفلح المؤمنون، إذ جعل نور الفرقان دليلاً، وصدّق محمداً صلى الله عليه وسلّم الذي عجزت الشعراء عن صدق نفثه، وشهدت النمل بصدق بعثه، وبين قصص الأنبياء في مدة مكثه، ونسج العنكبوت عليه في الغار ستراً مسدولاً، وملئت قلوب الروم رعباً من هيبته، وتعلم لقمان الحكمة من حكمته، وهدى أهل السجدة للإيمان بدعوته، وهزم الأحزاب وسباهم وأخذهم أخذاً وبيلاً، فلقبه فاطر السموات والأرض بياسين كما نفذ حكمه في الصافّات، وبين صاد صدقه بإظهار المعجزات، وفرق زمر المشركين وصبر على أقوالهم وهجرهم هجراً جميلاً، فغفر له غافر الذنب ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، وفصلت رقاب المشركين إذ لم يكن أمرهم شورى بينهم وزخرف منار الإسلام وخفي دخان الشرك وخرّت المشركون جاثية كما أنذر أهل الأحقاف فلا يهتدون سبيلاً، وأذل الذين كفروا بشدة القتال وجاء الفتح للمؤمنين والنصر العزيز، وحجر الحجرات الحريز، وبقاف القدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>