للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هو عند أحد غيره، والكتاب الذي هو بخط فلان قد حصله وظفر به.

قال الحضرمي: أقمت مرّة بقرطبة، ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيها وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع وهو بخط جيد وتسفير مليح (١) ، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إليّ المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه، فقلت له: يا هذا أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلّغه إلى ما لا يساوي، قال: فأراني شخصاً عليه لباس رياسة، فدنوت منه، وقلت له: أعز الله سيّدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده؛ قال: فقال لي: لست بفقيه، ولا أدري ما فيه، ولكنّي أقمت خزانة كتب، واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فها موضع يسع هذاالكتاب، فلمّا رأيته حسن الخط جيّد التجليد استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير؛ قال الحضرمي: فأحرجني، وحملني على أن قلت له: نعم لا يكون الرزق كثيراً إلاّ عند مثلك، يعطى الجوز من لا عنده (٢) أسنان، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب، وأطلب الانتفاع به، يكون الرزق عندي قليلاً، وتحول قلّة ما بيدي بيني وبينه.

قال ابن سعيد: وجرت مناظرة بين يدي منصور بني عبد المؤمن بين الفقيه العالم أبي الوليد بن رشد والرئيس أبي بكر بن زهر، فقال ابن رشد لابن زهر في كلامه: ما أدري ما تقول، غير أنّه إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإذا مات مطرب بقرطبة فأريد بيع تركته حملت إلى إشبيلية.

ولما ذكر ابن بشكوال قصر قرطبة، قال (٣) : هو قصر أوليٌّ تداولته ملوك


(١) ك: بخط فصيح وتفسير مليح؛ والتسفير: التجليد.
(٢) ك: من لا له.
(٣) ك: وسئل ابن بشكوال عن قصر قرطبة فقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>