للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١- المستعار منه، وهو ذات المشبه به "كالحيوان المفترس" في المثال المتقدم؛ لأن اللفظ الموضوع له، وهو "أسد" أخذ منه، وأعطي لغيره, فهو كالإنسان يستعار ثوبه لآخر.

٢- المستعار له, وهو ذات المشبه، "كالرجل الجريء" لأن اللفظ الذي لغيره أعطي له, فهو كالإنسان، يستعار له الثوب من صاحبه.

٣- المستعار كلفظ "أسد" لأنه أتى به من صاحبه، واستعير لغيره، كاللباس المستعار من صاحبه للابسه - وثلاثتها هي أركان الاستعارة١.

وهي: إما تحقيقية، أو تخييلية، أو مكنية، وسيأتي البحث في الأخيرتين.

والتحقيقية: ما يكون المعنى المنقول إليه اللفظ محققا حسا، أو عقلا. أي: مما يدرك بالحس، أو مما يقره العقل، ويثبته. "فالأول" كما في بيت زهير، أو المتنبي، فإن المعنى المنقول إليه لفظ "أسد" أو لفظ "بحر" وهو الرجل الجريء أو الكريم محقق حسا. أي: مدرك بإحدى الحواس، "والثاني" كما في قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} يريد: من الضلال إلى الهدى، فقد استعير الظلمات "للضلال"، والنور "للهدى"، وكلاهما أمر محقق عقلا، أي: يقره العقل، ولا يسعه أن ينفيه.

الاستعارة مجاز لغوي:

اعلم أن جمهور البيانيين على أنها مجاز لغوي، أي: لفظ مستعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة. فالتصرف فيها إنما هو في نقل اللفظ من معناه الموضوع له في اللغة، إلى معنى آخر, والدليل على ذلك:


١ من هذا البيان يعلم أن التشبيه إنما يكون في المعاني، وأما الاستعارة ففي الألفاظ. ثم إن بيان الأركان بما ذكر مبني على أن المراد بالاستعارة: المعنى المصدري ليصح الاشتقاق حينئذ أما الاستعارة بالمعنى الاسمي، وهو اللفظ المستعار فلا يتأتى فيه ذلك، إذ لا يشتق من اسم المفعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>