للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه عبر بصيغة المضارع تجوزا، قصدا إلى استحضار تلك الصورة العجيبة، هي صورة أب، يهم بذبح ابنه، دون ذنب جناه.

الاستعارة في المشتقات:

مثالها في اسم الفاعل قولك: "جليل أعمالك ناطق بكمالك" أي: دال عليه ففي "ناطق" استعارة تبعية. وإجراؤها أن يقال فيها على غرار ما قيل في نطقت الحال بكذا، غير أن المشتق من النطق هنا: "ناطق" بمعنى دال, ومثله قولك: "حكم على قاتلك بالسجن" أي: ضاربك ضربا أليما، وإجراء الاستعارة فيه أن يقال: شب الضرب الأليم، بالقتل: بجامع الألم الأليم، ثم استعير بعد التشبيه والادعاء لفظ "القتل" للضرب الأليم، فصار "القتل" بمعنى الضرب الأليم، ثم اشتق من القتل بهذا المعنى، "قاتل" بمعنى ضارب ضربا مبرحا، على سبيل الاستعارة التبعية.

ومثالها في اسم المفعول قولك: "رفع مقتولك أمره إلى الحاكم": تريد مضروبك ضربا أليما, وإجراء الاستعارة فيه على نحو ما تقدم, غير أن المشتق هنا اسم مفعول.

ومثالها في أفعل التفضيل قول الشاعر العربي:

ولئن نطقت بشكر برك مفصحا ... فلسان حالي بالشكاية أنطق

شبهت الدلالة بالنطق، على نحو ما سبق ثم اشتق من النطق بمعنى الدلالة "أنطق" اسم تفضيل بمعنى "أدل" على سبيل الاستعارة التبعية، وهكذا يقال في سائر المشتقات، فليس يعوزك القياس.

وإنما كانت الاستعارة في الفعل وفي سائر المشتقات "تبعية" لجريانها فيها تبعا لجريانها في مصادرها كما رأيت, فتشبيه الدلالة بالنطق مثلا يتبعه تشبيه "دل" "بنطق" واستعارة النطق للدلالة، يتبعه استعارة "نطق لدل", ذلك أن الفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>