للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو لإثبات فعل واقع على القمر لا لإثبات التشبيه؛ إذ هو مكنون في النفس، لا يدرك إلا بتأمل ونظر.

فإذا جمع بين الطرفين على وجه ينبئ عن التشبيه، ويدل عليه بألا يصح المعنى إلا بمراعاة التشبيه, كان الكلام تشبيهًا لا استعارة وذلك إذا كان المشبه به خبرًا عن المشبه، أو في حكم الخبر عنه كأن يقع حالًا منه، أو صفة له.

فمثال ما إذا كان خبرًا قولك: "خالد بن الوليد أسد" فقد جمع فيه بين الطرفين على وجه ينبئ عن التشبيه؛ لأن سياق الكلام "ظاهرًا" إنما هو لإثبات معنى "الأسد" لخالد، وهو يمتنع عن الحقيقة، فيحمل على أنه لإثبات شبه معنى الأسد لخالد، فيكون الإتيان "بالأسد" لإثبات هذا الشبه, ولأن حمل الأسد على "خالد" يقتضي اتحاد المحمول والمحمول عليه في المعنى ليصح الحمل, واتحادهما ممتنع لتباين المفهومين, فتعين الحمل على التشبيه بتقدير أداته فهلذين السببين كان جديرًا أن يسمى تشبيهًا، لا استعارة.

ومثال ما في حكم الخبر قولك: كَرَّ خالد على الأعداء أسدًا، ومررت برجل أسد, جمع فيهما بين الطرفين على وجه يدل على التشبيه للسببين المتقدمين, فكان الكلام فيهما تشبيهًا.

٤- أن يكون المشبه به كليًّا حقيقة، أو تأويلًا، حتى يتأتى ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به، واعتباره فردًا من أفراده.

فالكلي الحقيقي كاسم الجنس في مثل "الأسد" فإن معناه كلي، يصدق على كثيرين, فيصح حينئذ جعله استعارة للرجل الجريء، باعتباره داخلا في جنس الأسد ادعاء، وفردًا من أفراده.

والكلي التأويلي كعلم الشخص الذي اشتهر بوصف, بحيث إذا أطلق ذلك العلم فهم منه ذلك الوصف, وصار العلم كأنه موضوع للذات المستلزمة لذلك الوصف "كحاتم" علمًا على الطائي المعروف١, فإنه اشتهر بالجود وذاع صيته فيه حتى صار إذا أطلق لفظ "حاتم" فهم منه


١ هو عبد الله بن سعد, المضروب به المثل في السماحة والسخاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>