للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتي أولًا بالإعطاء، والاتقاء، والتصديق، واليسر، ثم أتي بما يقابلها على الترتيب من البخل، والاستغناء، والتكذيب، والعسر. ووجه مقابلة "استغنى لاتقى" أن معنى "استغنى" زهد فيما عند الله، فلم يراقبه, أو معناه: استغنى بمتاع الدنيا عن نعيم الجنة، فلم يتق الله في عمله, وإذًا ففي مقابلة "استغنى لاتقى" نوع خفاء.

وتكون بين خمسة, كقوله المتنبي:

أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي

أتي بالزيارة، والسواد، والليل، والشفاعة له, ثم أتي بما يقابلها على الترتيب من الانثناء، والبياض، والصبح، والإغراء به.

وتكون بين ستة, كما تراه واضحًا في قول الشاعر:

على رأس عبد تاج عز يزينه ... وفي رجل حر قيد ذل يشينه

والمقابلة فيه واضحة أتم وضوح، كما ترى.

تنبيه:

اعلم أن المقابلة نوع من المطابقة من حيث إن فيهما جمعا بين متقابلين, غير أن الشرط في المقابلة أن يكون التقابل فيها بين معنيين على الأقل وبين ما يقابلهما، ويكون بين أكثر من ذلك كما رأيت, بخلاف المطابقة فإنما تكون بين معنى واحد ومقابله كما عرفت ا. هـ.

٣- المشاكلة:

هي أن يذكر الشيء بلفظ غيره؛ لوقوع ذلك الشيء في صحبة ذلك الغير، كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} فالجزاء على السيئة في الحقيقة ليس بسيئة, وإنما هو "عقوبة" يراد بها الإصلاح, فالمعنى حينئذ: وجزاء سيئة عقوبة تعادلها، فتعبيره عن العقوبة بلفظ {سَيِّئَةٌ} مشاكلة؛ لوقوعه في صحبة ذلك اللفظ. ومثله قول الشاعر:

قالوا: اقترح شيئًا نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا

<<  <  ج: ص:  >  >>