للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلد الثاني]

[علم المعانى]

[مدخل]

...

علم المعاني:

تعريفه:

هو أصول وقواعد، يعرف بها، كيف يطابق الكلام مقتضى الحال.

والمراد بالأصول والقواعد: المسائل الكلية لهذا العلم, كقولهم: المنكر يلقى إليه الكلام مؤكدًا، وخالي الذهن يلقى إليه الكلام خلوا من التأكيد، والذكي يلقى إليه الكلام موجزًا، والغبي يلقى إليه الكلام مطنبًا, وهكذا.

والحال -أي المقام الذي ورد فيه الكلام- هي الأمر الحامل للمتكلم على أن يورد في كلامه شيئًا خاصًا، زائدًا على أصل المعنى.

ومقتضى الحال هو ذلك الشيء الخاص الذي ورد في كلام المتكلم.

ومطابقة الكلام لمقتضى الحال, هي اشتماله على ذلك الشيء الخاص, مثال ذلك: أن يقال لمنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم: "إن محمدًا لرسول الله" فإنكار المخاطب لهذه الرسالة "خال"، لأنه أمر يحمل المتكلم على أن يورد في كلامه شيئًا خاصًا هو "التأكيد" محوًا لهذا الإنكار، كما في المثال المذكور, والتأكيد "كما ترى" أمر زائد على أصل المعنى الذي هو ثبوت الرسالة لمحمد، وصورة التأكيد التي وردت في الكلام هي "مقتضى الحال" إذ إن الحال اقتضتها ودعت إليها، واشتمال الكلام على هذه الصورة هي مطابقة لمقتضى الحال.

ومثل الإنكار "المدح" فهو حال تدعو المتكلم إلى أن يورد كلامه على صورة الإطناب، لأن مقام المدح يقتضي الإطالة في القول، والبسط فيه.

كذلك ذكاء المخاطب حال تدعو المتكلم لأنه يورد كلامه على صورة الإيجاز، لأن مقام الذكاء يقتضي الاختصار في القول, وكل من صورتي الإطناب والإيجاز مقتضى الحال, واشتمال الكلام على صورة الإطناب أو الإيجاز مطابقة لهذا المقتضى ... وهكذا يقال في كل حال من أحوال الخطاب١ "كالعهد" المقتضي لأن يؤتي بالشيء معرفا "بأل".

و"كالاهتمام" المقتضي لأن يؤتى بالشيء مقدمًا ... إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه بعد.


١ هناك رأي آخر هو أن مقتضى الحال: الكلام الكلي المشتمل على التأكيد مثلا أو الإطناب أو الإيجاز، وليس هو التأكيد نفسه أو الإطناب أو الإيجاز كما هو الرأي الأول, فالإنكار مثلًا حال، والمقتضى: مطلق كلام مؤكد بأي نوع من أنواع التأكيد، وقولنا للمنكر: "إن محمدًا لكاتب" فرد من أفراد هذا المطلق المؤكد، ومعنى مطابقة هذا القول لمقتضى الحال حينئذ: أنه مدرج تحت الكلام المطلق وفرد من أفراده, فالفرق بين الرأيين واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>