للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاثة "كالاسم الجامد" كان دون الفعل في هذه التقوية.

إلى غير ذلك من دواعي التقييم كإيهام أن المسند إليه لا يزول عن الخاطر نحو: "رحمة الله ترجى"، وغير ذلك.

تنبيه:

ورد في أساليب العرب قولهم: "مثلك لا يخون"، و"غيرك لا يفي" ويريدون: إثبات عدم الخيانة للمخاطب "في الأول", وإثبات الوفاء له "في الثاني" من طريق الكناية قصدًا إلى الأبلغية في الحكم.

وبيان الكناية في الأول, هو أن قولهم: "مثلك لا يخون" معناه: إثبات عدم الخيانة لمثل المخاطب أي للماثل له في صفاته، والمماثل معنى كلي يشمل المخاطب وغيره ممن يماثله، فإذا ثبت عدم الخيانة للماثل لزم ثبوته للمخاطب باعتباره أحد أفراد المعنى الكلي، فقد أطلق الملزوم، وهو إثبات عدم الخيانة للماثل، وأريد اللازم، وهو إثباته للمخاطب.

وبيان الكناية في الثاني: هو أن قولهم: "غيرك لا يفي"، معناه: نفي الوفاء عن غير المخاطب، والوفاء صفة وجودية، لا بد لها من محل تقوم به، وهذا المحل منحصر في أمرين: المخاطب، وغير المخاطب، وقد نفيت صفة الوفاء عن غير المخاطب، فلزم قيامها بالمخاطب, فقد أطلق الملزوم، وهو نفي الوفاء عن كل من عدا المخاطب، وأريد اللازم، وهو إثباته للمخاطب.

ولما كان الغرض من التعبير الكنائي في "مثل وغير": إثبات الحكم من الطريق الأبلغ، وكان تقديمها حينئذ أعون على تحقيق هذا الغرض لما علمت من أن تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي يفيد تقوية الحكم، وتقريره بسبب تكرار الإسناد, لما كان الأمر كذلك كان لهما الصدارة في الكلام؛ ولهذا لم يردا في استعمالات العرب إلا مقدمين "كما رأيت". ا. هـ.

ووجه الأبلغية في "مثل وغير": هو أن الحكم فيها مصحوب بالدليل فقولك: "مثلك لا يخون" ينحل إلى جملتين هما: أنت لا تخون، لأن مثلك لا يخون، والأولى هي الدعوى، والثانية هي الدليل, وكذا قولك: "وغيرك لا يفي" إذ معناه أنت تفي لأن غيرك لا يفي, والحكم المؤيد بدليل أبلغ في إثباته مما لم يؤيد بدليل، كما في مبحث "الكفاية".

تأخير المسند إليه:

يؤخر المسند إليه حيث يقتضي الحال تقديم المسند، كما سيأتي بعد:

<<  <  ج: ص:  >  >>