للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحقيقي"، أو إلى الشامية "في القصر الإضافي", ومثال الثاني من قصر الصفة قصرًا حقيقيًّا قولك: "إياك نعبد"، أي لا غيرك, فتقديم المفعول على الفعل أفاد قصر الصفة وهي "العبادة" على الموصوف الذي هو "ضمير الخطاب", بحيث لا تتعداه إلى غيره "سبحانه", ولا يخفى اعتبار الإضافي منه قلبًا، أو إفرادًا، أو تعيينًا.

اختلاف طرق القصر:

هذه الطرق الأربعة -بعد اشتراكها في إفادة القصر- تختلف من عدة وجوه وإليك بيانها.

الأول: أن النفي "بلا العاطفة" لا يجامع النفي والاستثناء, فلا يصح أن يقال في قصر الصفة: "ما حكيم إلا المتنبي لا البحتري ولا أن يقال في قصر الموصوف: "ما سحبان إلا خطيب لا شاعر"؛ لأن شرط صحة المنفي "بلا" العاطفة: ألا يكون منفيًّا قبلها بغيرها من أدوات النفي, والمنفي "بلا" في المثالين منفي قبلها "بما" فقبح نفيه ثانيًا.

ولكنه يجامع "إنما", والتقديم فيقال: إنما "أنا مصري لا عراقي".

ويقال: "محمدًا أكرمت لا عليًّا" وإنما صح ذلك فيهما؛ لأن النفي غير مصرح به، فلم يقبح النفي "بلا" حينئذ.

الثاني: إن التقديم يفيد الحصر بمفهوم الكلام ومعناه، بمعنى أن صاحب الذوق السليم إذا تأمل في الكلام الذي فيه التقديم المذكور فهم الحصر، وإن لم يعرف أن التقديم- في اصطلاح البلغاء- يفيد الحصر, فقولك: "مصري أنا" يدل بمفهومه ذوقًا على حصر المتكلم في المصرية, أما ما عداه من طرق القصر فدلالته على الحصر بالوضع, "فلا العاطفة" موضوعة للنفي بعد الإثبات، و"بل ولكن" موضوعتان للإثبات بعد النفي، وهذان المعنيان مفيدان للقصر, كذلك الحال في النفي والاستثناء, فإن حرف النفي موضوع للنفي، وحرف الاستثناء موضوع للإخراج من حكم النفي، وهذا المعنى مفيد للقصر, "وإنما" كذلك مفيدة للحصر وضعًا لتضمنها معنى "النفي والاستثناء" كما علمت.

الثالث: أن الأصل في القصر "بالعطف أن ينص على المثبت والمنفي معًا فإذا قلت في قصر الصفة: "الحجاج خطيب لا الوليد" فقد نصصت على من تثبت له الخطابة وهو "الحجاج"، وعلى من نفيت عنه وهو "الوليد", وإذا قلت في قصر الموصوف: "الحجاج خطيب لا

<<  <  ج: ص:  >  >>