للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مبحث الأمر]

الأمر:

هو طلب حصول الفعل على جهة الاستعلاء حقيقيًّا كان ذلك الاستعلاء، أو ادعائيًّا, فالأول كقول السيد لعبده: "افعل كذا"، والثاني كقول العبد لسيده: "افعل كذا" متعاظمًا لا متواضعًا.

ولصيغة الأمر صور أربع:

١- فعل الأمر, كقوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} ، وكقولك: "اعطني كتابك".

٢- المضارع المقرون بلام الأمر, كقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه} ، وكقولك: "ليؤد كل منكم واجبه".

٣- اسم فعل الأمر, كقولك لآخر: "صه عن الغيبة والنميمة", أي كف عنهما، ونحو: "حي على الفلاح" أي أقبل على ما فيه الخير والسعادة، ونحو "آمين" بمعنى استجب, فإن مجنون ليلى العامرية.

يا رب لا تسلبني حبها أبدا ... ويرحم الله عبدًا قال آمينا

٤- المصدر النائب عن فعل الأمر نحو: سعيًا في الخير، ورفقًا بالضعفاء، وصبرًا على البأساء١.

المعنى الحقيقي لصيغة الأمر:

مدلول الصيغة -على ما ذهب إليه الجمهور- هو الطلب على جهة الوجوب إذ هو المفهوم منها عند الإطلاق, وما عداه من المعاني يحتاج إلى قرائن تحف به، تستفاد من سياق الكلام, وقيل غير ذلك.

فورية الأمر وتراخيه:

اختلفوا في صيغة الأمر عند تجردها من القرائن, هل تقتضي الامتثال فورًا، أو على التراخي، أو ما هو أعم منهما؟

فالجمهور على أن مدلول صيغة الأمر هو طلب حصول الفعل مطلقًا عن قيد الفورية؟ أو التراخي, فالمأمور يكون ممثلًا للآمر بالإتيان بالفعل المأمور به سواء أتى به فورًا، أو بعد مهلة, ولا يتعين أحدهما إلا بقرينة، وهذا هو الراجح.

وقال السكاكي: إن مدلول الأمر، طلب حصول الفعل فور النطق بالصيغة، إذ مقتضى الطبع في كون الشيء مطلوبًا، أن يراد حصوله في


١ هذه المصادر نائبة عن فعل الأمر المحذوف وجوبًا، ولهذا كان المصدر نفسه هو "المسند" لا الفعل المحذوف، والضمير المستتر فيه هو "المسند إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>