للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: "على علاته" أي على رقة حاله وقلة ماله, تتميم قصد به: المبالغة في مدحه بالكرم, والمعنى: إن تلقه على حال إعسار تجده سمحًا جوادًا فما ظنك به على غير هذه الحال.

٩- يكون بالتذييل, وهو "لغة": جعل الشيء ذيلا للشيء. "واصطلاحًا": تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها تأكيدا لها.

والتذييل على ضربين:

الأول: ضرب لم يخرج مخرج المثل، وهو الذي لا يستقل بإفادة المعنى، بل يتوقف على ما قبله كقوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا} , {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} , فصدر الآية صريح في أن هذا الجزاء إنما كان من أجل كفرهم، فقوله بعد: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} تذييل جيء به تأكيدًا لما استفيد من سابقه, ولم يجر مجرى المثل لتوقف على ما قبله إذ المراد بالجزاء "في الآية": ذلك الجزاء الخاص، وهو المذكور فيما قبل من إرسال سيل العرم، وتبديل جنتيهم، إلى آخر ما هو مذكور في هذا الحادث، فإن أريد مطلق جزاء كان من قبيل الضرب الثاني الآتي بعد.

الثاني: ضرب جرى مجرى المثل، وهو ما تضمن حكمًا كليًّا, واستقل بإفادته كقوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} فقوله: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ، تذييل أتى تأكيدًا لما فهم مما قبله، وهو جار مجرى المثل لاستقلاله بالإفادة عما قبله بتضمنه معنى كليًّا وهو: أن الباطل لا تقوم له قائمة.

والتأكيد بالتذييل على ضربين أيضًا:

الأول: أن يكون التأكيد لمنطوق الجملة الأولى كأن تشترك ألفاظ الجملتين في مادة واحدة، مع اختلاف نسبتهما، بأن تكون أحداهما فعلية والأخرى اسمية مثلا كالآية السابقة، فإن قوله تعالى: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} تذييل مؤكد لمنطوق قوله: {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} لاشتراك الجملتين في مادة واحدة, واختلافهما بالفعلية والاسمية.

الثاني: أن يكون التأكيد لمفهوم الأولى بألا تشترك ألفاظ الجملتين في مادة واحدة كما في قول النابغة الذبياني:

ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب

<<  <  ج: ص:  >  >>