للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما من زعم١ أن منشأ الثقل في نحو: "مستشزرات" توسط الشين -وهي من الحروف الرخوة المهموسة- بين حرفين يضاربانها في صفتها, وهما "التاء الزاي" إذ إن التاء من الحروف الشديدة، والزاي من الحروف المجهورة فبعيد عن الصواب أيضًا لعدم اطراد ما زعم؛ إذ لا نجد تنافرا في لفظ "مستشرف" مع توسط "الشين" بين حرفين يضاربانها في صفتها كما في "مستشزر" فأي فرق بينهما؟

وإذًا فقرب المخارج أو بعدها، أو غيرهما لا يصلح ضابطا يعول عليه لعدم اطراده -كما عرفت- بل الحكم في ذلك للذوق السليم, فما عده الذوق ثقيلا متعسر النطق فهو متنافر، وما لا فلا, سواء أكان متقارب الحروف، أو متباعدها, أو غير ذلك ا. هـ.

مخالفة الوضع٢: هي أن تكون الكلمة مخالفة لما ثبت عن الواضع, سواء أخالفت القياس الصرفي أيضا أم لا. فمدار المخالفة على ما ثبت عند الواضع بغض النظر عن القياس المذكور.

فمثال ما خالف الأمرين معا لفظ "بوقات" جمع مؤنث مفرده "بوق" بمعنى المزمار, في قول المتنبي يمدح سيف الدولة:

فإن يك بعض الناس سيفا لدولة ... ففي الناس بوقات لها وطبول

يقول: إذا كنت سيفا لدولتك له أثره وخطره فغيرك من الملوك بمثابة البوق والطبل لا أثر له، ولا غناء فيه. فلفظ "بوقات" في البيت غير فصيح؛ لمخالفته لما ثبت عن الواضع، وللقياس الصرفي؛ إذ الثابت عن الواضع جمعه جمع تكسير، والقياس الصرفي أيضًا يقتضي


١ هو العلامة الخلخالي.
٢ إنما آثرت هذا التعبير على قولهم: مخالفة القياس؛ لأنه أنسب بالمعنى المراد منه, وهو مخالفة الكلمة لما ثبت عن الواضع وإن وافق القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>