للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذًا, فالفرق بين الإضمار قبل الذكر الموجب للضعف، وبين الإضمار قبل الذكر الذي جعل من قبيل تقدم المرجع حكما, وجود النكتة في الثاني دون الأول. على أنهم قالوا: إذا قصدت النكتة في مثل المثال المذكور، وأن الغرض من تأخير المفعول هو البيان بعد الإبهام كما في "نعم وبئس" لم يبعد أن يكون فصيحا, غير أن الشأن في مثل هذا التركيب ألا تلتمس له نكتة، بخلاف الشأن في باب نعم وبئس وغيرهما مما قدم فيه المرجع حكما ا. هـ.

وكالإضمار قبل الذكر في تعطيل الكلام من حلية الفصاحة؛ لضعف تأليفه, الإتيان بالضمير متصلا بعد "ألا"، ونصب المضارع بدون ناصب مذكور في الكلام, فالأول كما في قول الشاعر:

وما علينا إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلاك ديار

يريد أن يقول: إن غاية ما أرجوه من متع الحياة أن أكون بجوارك, فإذا حظينا بهذه الأمنية، فقد نلنا كل شيء، فلا يعنينا بعد ذلك ألا يجاورنا أحد.

والأصل: إلا إياك. والثاني كما في قول الشاعر:

قبيح من الإنسان ينسى عيوبه ... ويذكر عيبا في أخيه قد اختفى

أي: أن ينسى, وأن يذكر.

التعقيد: هو أن يكون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد لخلل واقع فيه١. وهو نوعان: لفظي ومعنوي.


١ هذا تعريف للتعقيد بالمعنى الاصطلاحي الذي هو كون الكلام معقدا، لا بالمعنى اللغوي الذي هو مصدر عقد المتكلم كلامه تعقيدا, إذا أخفى المراد منه، فإنه بهذا المعنى لا يصح حمل التعريف المذكور عليه؛ لأن التعقيد بهذا المعنى وصف للمتكلم والتعريف المذكور من صفات الكلام, واحترز بقوله: لخلل واقع فيه عما خفي المراد منه لا لخلل فيه, بل لإرادة المتكلم إخفاء المراد منه لحكمة, كالذي ورد في القرآن من المتشابه والمجمل والمشكل, فلا تعقيد فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>