للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التراب الذي هو جزؤه المباشر أوضح من دلالة البيت على التراب الذي هو جزء جزئه.

وبيان ذلك في الالتزامية: هو أنه يجوز أن يكون للازم الواحد عدة ملزومات، لزومه لبعضها أوضح منه لبعضها الآخر "كالكرم" مثلا فإنه لازم، وله جملة ملزومات تستلزمه وتدل عليه هي: كثرة الضيفان، وكثرة الطبخ، وكثرة إحراق الحطب، وكثرة الرماد. فهذه الأمور الأربعة تستلزم الكرم، وتدل عليه إذ يلزم من وجودها وجوده, غير أن دلالة بعضها عليه أوضح من دلالة بعضها الآخر؛ فدلالة كثرة الأضياف على "كرم محمد" مثلا أوضح من دلالة كثرة الطبخ عليه؛ لأن كثرة الأضياف أقرب إلى معنى "الكرم" من كثرة الطبخ, فقولك: "محمد كثير الأضياف" أدل على كرمه من قولك: "محمد كثير الطبخ" إذ لا واسطة بين كثرة الأضياف ومعنى "الكرم", ودلالة كثرة الطبخ على "الكرم" أوضح من دلالة كثرة إحراق الحطب عليه؛ لأن كثرة الطبخ أقرب إلى معنى "الكرم" من كثرة الإحراق, فقولك: "محمد كثير الطبخ" أدل على كرمه من قولك: "محمد كثير إحراق الحطب" لقلة الوسائط بين كثرة الطبخ والكرم، ودلالة كثرة إحراق الحطب على معنى "الكرم" أوضح من دلالة كثرة الرماد عليه؛ لأن كثرة الإحراق أقرب إلى معنى "الكرم" من كثرة الرماد فقولك: "محمد كثير إحراق الحطب" أدل على كرمه من قولك: "محمد كثير الرماد" لقلة الوسائط في الأول، وكثرتها في الثاني. وهكذا كلما كان الملزوم أقرب إلى لازمه كانت دلالته عليه أوضح، وإذًا فأوضح هذه الدلالات على "الكرم" دلالة كثرة الضيفان عند محمد، وأقلها وضوحا دلالة كثرة الرماد عنده, كما رأيت.

هذا, وقد يكون مناط الاختلاف في الوضوح كثرة الاستعمال, وقلته بغض النظر عن الواسطة كما في معنى "الكرم" فقد دلت عليه جملة ملزومات هي: كثرة الرماد، وهزال الفصيل، وجبن الكلب،

<<  <  ج: ص:  >  >>