للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضار إلى ما هو أضر منه؛ طمعا في النجاء, فمجموع الهيئة هو الالتجاء إلى ما هو أضر, والطمع في الانتفاع به، وهما -كما ترى- أمران عقليان.

والمتعدد العقلي كما في قولك: محمد كأبيه في شجاعته، وحلمه، وإيمانه, فوجه الشبه كل واحد من هذه الأمور الثلاثة, والجميع مما لا يدرك بغير العقل.

٣- أن يكون الوجه مختلفا؛ بعضه حسي وبعضه عقلي, كما في وجه الشبه المتعدد, كأن تشبه رجلا بآخر في طوله وجسامته، وحلمه وشهامته, فوجه الشبه كل واحد من هذه الأمور الأربعة, غير أن الأولين منها حسيان، والآخرين عقليان.

تنبيهان:

الأول: أن الوجه المختلف حسا وعقلا كما يكون في المتعدد -كما مثلنا- يكون كذلك في المركب المنزل منزلة الواحد باعتبار الأجزاء التي تركب منها, كما في تشبيه الحسناء الوضيعة الأصل بخضراء الدمن١ في حسن المنظر مع سوء المخبر, فإن وجه الشبه مجموع الأمرين المذكورين, وأحدهما حسي, والآخر عقلي.

غير أن علماء البيان يعتبرون المركب من حسي وعقلي من قبيل العقلي بتغليب العقل على الحس لاتساع أفقه, إذ يدرك المحسوسات والمعقولات بخلاف الحواس فلا تدرك غير ما وقع تحت الحس, فالمركب حينئذ إما حسي فقط، أو عقلي فقط كما هو الشأن في الوجه المفرد, أما الوجه المتعدد فإن فيه الأنواع الثلاثة كما عرفت ا. هـ.


١ هي شجرة تنبت في معاطن الدواب, تكون ناضرة بهيجة، ولكن لا ثمر فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>