للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم الخامس]

ينقسم التشبيه باعتبار الوجه أيضا إلى قسمين: مفصل، ومجمل.

فالمفصل: ما صرح فيه بذكر وجه الشبه على طريقته١، وهي أن يذكر مجرورا "بفي"، أو منصوبا على التمييز على معنى "في" كما تقول: "طبع فؤاد كالنسيم في رقته، أو رقة"، و"يده كالسحاب في الفيض، أو فيضا"، و"كلامه كالدر في الحسن، أو حسنا"، فكل هذه المثل من التشبيه المفصل للتصريح فيها بذكر الوجه، على نحو ما رأيت.

ومن قبيل المفصل قولهم في تشبيه الكلام السهل، الخفيف على السمع: "ألفاظ كالعسل في الحلاوة" وفي تشبيه الحجة بالشمس: "حجة كالشمس في الوضوح"، فوجه الشبه في المثالين مذكور على طريقته، وهو قائم بالطرفين، غير أنه تخييلي في المشبه، تحقيقي في المشبه به -كما ترى- ولا ضير فيه٢.

والمجمل: ما لم يصرح فيه بذكر الوجه على طريقته، وهو باعتبار هذا الوجه قسمان:


١ احترز به عن نحو قولهم: يد فؤاد كالنهر تفيض، ووجه هند كالبدر يضيء, فليس ذلك من قبيل المفصل؛ لعدم ذكر الوجه على طريقته من كونه مجرورا بفي, أو منصوبا على التمييز على ما مثلنا.
٢ أما ما قيل من أن في مثل هذين المثالين تسامحا من حيث إن وجه الشبه لم يذكر, وإنما ذكر شيء يستلزمه، وهو "الحلاوة" في الأول و"الوضوح" في الثاني, فقول غير سديد؛ لأن ذكر "الحلاوة والوضوح" إن كان من قبيل التعبير بالملزوم عن اللازم الذي هو "ميل النفس" في الأول، و"زوال الحجاب" في الثاني كان من قبيل المجاز، ولا تسامح فيه؛ لأن الوجه مذكور, غاية الأمر أنه عبر عنه بملزومه, وإن لم يكن من المجاز فهو خطأ؛ إذ لا واسطة بين الحقيقة والمجاز غير الخطأ، ولا ينبغي حمل الكلام الفصيح على الخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>