للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجة إلى إعمال فكر، ودقة نظر؛ لما فيه من الهيئة التركيبية الحاصلة من تضامّ الأجزاء، وارتباط بعضها ببعض. فمثال تعدد الأوصاف لشيء واحد ما تراه في تشبيه المفرد المقيد بمثله, كما في قول الشاعر المتقدم في "تشبيه الثريا بعنقود الملاحية" إذ قد لُوحظ في الوجه عدة أوصاف متضامة، تكونت من شكل أجرام، ولونها، ومقدارها، وهيئة أوضاعها، على ما سبق، ومجموعها وصف لشيء واحد مشبه بآخر مثله كما عرفت.

ومثال تعدد الأوصاف لأكثر من شيء واحد ما تراه في تشبيه مركب بمركب في قول "بشار" في تشبيه مثار النقع، مع الأسياف اللامعة بالليل، مع الكواكب المتهاوية, فقد اعتبر في الوجه عدة أوصاف تلاصقت والتأمت من اللون القاتم، وبريق الأجرام في أثنائه, وحركاتها، وتناسب أشكالها، واختلاف مواقعها -على ما تقدم- ومجموعها وصف لمركب مشبه بمثله كما رأيت.

هذا, وكلما كثر التفصيل في الوجه كان التشبيه أدخل في باب الغرابة، وأبعد عن الابتذال، وكان أدق نسجا، وأجمل وقعا كما تراه في قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ ... } "الآية" فقد حوت من كمال الدقة، واستقصاء مناحي التشبيه ما يبهر العقول.

أوجه التفصيل:

يقع التفصيل في وجه الشبه على وجوه كثيرة، أحراها بالقبول، وأولاها بالاعتبار صورتان:

الأولى: أن يؤخذ بعض الأوصاف، ويترك بعضها من كل تشبيه فيه دقة تحتاج إلى مزيد نظر١، وفضل ملاحظة كما في قول امرئ القيس:


١ احترز به عن نحو قولك: محمد كعلي في مجموع الجبن، وعدم الكرم، فليس بشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>