للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الطيران "طار" بمعنى "عدا", والجامع بينهما قطع المسافة بسرعة، وهو جنس داخل في مفهوميهما إلا أنه في الطيران أقوى منه في العدو كما هو الشأن في الجامع, غير أنه قيل: إن الطيران قطع المسافة في الهواء أو بالجناح فحسب, وأما السرعة فلازمة له في الأكثر١، لا داخلة في مفهومه، بخلاف العدو فإن السرعة جزء مفهومه, وإذًا فلا يكون الجامع داخلا في مفهومي الطرفين، فلا تكون الاستعارة في الحديث الشريف من القسم الأول.

وغير الداخلية: أن يكون الجامع غير داخل في مفهومي الطرفين بأن كان خارجا عن مفهوم كل منهما، أو كان داخلا في مفهوم المستعار له دون المستعار منه، أو العكس.

فالأول كما في استعارة "الدرر" للكواكب، و"الشمس" للوجه المتهلل, و"البحر" للجواد في قولك: "رأيت دررا في السماء تضيء"، و"أبصرت شمسا داخل غرفة"، و"وردت بحرا يعطي" فالجامع في الأول "التألق واللمعان"، وفي الثاني "التهلل والإشراق"، وفي الثالث "الإفاضة" وكلها عوارض غير داخلة في مفهومي الطرفين.

والثاني كاستعارة "الطيران" للعدو في المثال السابق، على القول بأن السرعة داخلة في مفهوم العدو، لا في مفهوم الطيران.

والثالث كاستعارة "العدو" للطيران على القول المذكور.

التقسيم الثاني:

تنقسم الاستعارة باعتبار الجامع أيضا قسمين: عامية، وخاصة.

فالعامية وهي المبتذلة: ما ظهر فيها الجامع بحيث يدركه


١ أي: بالنظر للغالب, وقد يكون الطيران قطع المسافة في الهواء, أو بالجناح من غير سرعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>