للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم استعير لفظ {فِي} من أحد جزئيات المشبه به١ لأحد جزئيات المشبه٣, استعارة تصريحية تبعية, وهكذا.

وسميت الاستعارة في الحرف تبعية "على المذهبين"؛ لأنها تابعة لتشبيه -على ما بينا- لا لأنها تابعة لاستعارة أخرى في المجرور -على رأي الخطيب- أو في متعلق معنى الحرف -على رأي القوم- إذ لا استعارة في الموضعين -كما رأيت- وليس في اعتبارها فيهما سوى تكثير المؤنة والكلفة, بخلاف استعارة المصدر في المشتقات, فإن فائدتها اشتقاق الفعل أو شبهه منه.

غير أنه نقل عن القوم استعارة متعلق معنى الحرف, بأن يقال بعد إجراء التشبيه في الكليين في مثل آية الالتقاط: ثم استعير اسم المشبه به للمشبه، فتكون الاستعارة في الحرف حينئذ تابعة لاستعارة أصلية، وقد علمت أن لا فائدة مترتبة على اعتبار ذلك.

وكما تسمى تبعية لما ذكرنا تسمى تصريحية؛ للتصريح فيها بالحرف المنقول من المشبه به إلى المشبه "كاللام" في آية "الالتقاط"، وكلفظ {فِي} في آية {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} , فكلاهما بمثابة لفظ "الأسد" المنقول من الحيوان المفترس إلى الرجل الباسل.

وصفوة القول في الاستعارة التبعية أن يقال:

إن كانت الاستعارة في الفعل أو شبهه يقدر التشبيه في معنى المصدر، ثم ينقل المصدر إلى غير معناه الأصلي، ثم يشتق منه ما وقعت الاستعارة فيه من فعل، أو وصف، فتكون الاستعارة فيهما حينئذ تابعة للاستعارة في المصدر, بلا خلاف في المسألة.

وإن كانت الاستعارة في الحرف, فعلى مذهب الخطيب يقدر التشبيه في المجرور بالحرف -أولا- ثم في معنى الحرف -ثانيا-


١ في نحو: محمد في بيته.
٢ كالمثال المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>