للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمسامع والبيان، فعلم من هذا أن المراد به معنى يناسبها، وهو "التقديم" كالمثال الذي قبله.

٤- المجرور بأن يكون تعلق الفعل بالمجرور غير مناسب، فيدل ذلك على أن المراد به معنى يناسب ذلك المجرور, كما في قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فإن التبشير إخبار بما يسر، فلا يناسب تعلقه بالعذاب، فعلم من هذا أن المراد بالتبشير معنى يناسب العذاب١، وهو الإنذار أي: الإخبار بما يحزن, ففي قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ} استعارة تبعية قرينتها مجرور الحرف. ومثله قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ} فقوله: {نَقْذِفُ} استعارة تبعية بمعنى نرد, ولفظ "الحق" قرينتها, إذ إن الحق أمر معنوي لا يناسبه القذف الخاص بالمحسوسات٢.

وقد تكون القرينة غير ما ذكرنا, كما في قوله تعالى: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} على أن يكون "مرقد" اسم مكان, والقرينة على الاستعارة كون هذا القول من كلام الموتى، مع ضميمة قوله: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} .

وإذ قد فرغنا من التقسيم الأول للاستعارة التصريحية,


١ نزل التضاد بين التبشير والإنذار منزلة التناسب بينهما، ثم شبه الإنذار بالتبشير في أن كلا إخبار بما يسر، ثم استعير التبشير للإنذار واشتق منه بشر بمعنى أنذر, على طريق الاستعارة التصريحية التبعية التهكمية.
٢ شبه الرد بالقذف بجامع الإبعاد في كل، واستعير القذف للرد، ثم اشتق من القذف {نَقْذِفُ} بمعنى نرد, على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>