للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- الجزئية: هي أن يكون المعنى الحقيقي للفظ المذكور جزءا من المعنى المجازي، فيطلق حينئذ اسم الجزء، ويراد الكل كما في قوله تعالى: {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي: عبد مؤمن، ففي {رَقَبَةٍ} مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأن المعنى الحقيقي للرقبة جزء من العبد, والقرينة قوله: {فَتَحْرِيرُ} ؛ لأن التحرير إنما يكون للذات كلها، لا لجزء منها, إذ إن العتق لا يتجزأ. ومثله قولهم: "بث الملك "عيونه" في المدينة" أي: جواسيسه, ففي "العيون" مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأن المعنى الأصلي للعين جزء من الجاسوس، والقرينة قوله: "بث" لاستحالة بث العيون وحدها. وكقول معبد بن أوس المزني١ في ابن أخته:

أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد٢ ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني

الشاهد في البيت الثاني, إذ يريد: فلما قال قصيدة، ففي لفظ "قافية" مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ لأن المعنى الحقيقي للقافية جزء من القصيدة، وقرينة المجاز لفظ "قال"؛ لأن معناه نظم، والنظم إنما يكون للقصائد، غير أنه يشترط لهذه العلاقة غالبا أحد أمور ثلاثة:

الأول: أن يكون انتفاء الجزء مستلزما لانتفاء الكل, كما في إطلاق الرقبة على الذات في المثال الأول, إذ ليس من شك أن إتلاف الرقبة إعدام للذات، فلا يصح حينئذ إطلاق اليد، أو الرجل، أو الأنف على الإنسان مجازا مرسلا علاقته الجزئية؛ لأنها أجزاء لا يستلزم انتفاؤها انتفاء الإنسان عادة, إذ لا تتوقف عليها حياته.

الثاني: أن يكون للجزء مزيد اختصاص بالمعنى المقصود من


١ هو شاعر مخضرم يحسن القول في باب الحكم, وفي الشعر الخلقي.
٢ يروى بالسين المهملة من التسديد في الرمي, أي: الإصابة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>