للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة وهي ذلك الحكم الذي تضمنه الخبر -على ما سبق- وإنما سمي بهذا؛ لأن كل من أفدته حكما لزم أن تفيده أيضا أنك عالم به١، من غير عكس أي: ليس كل من أفدته أنك عالم بالحكم الذي تضمنه الخبر أفدته هذا الحكم نفسه لجواز أن يكون عالما به قبل الإخبار, لهذا كان الحكم الذي تضمنه الخبر هو الملزوم، وعلمك بهذا الحكم هو اللازم.

قيل: إن فائدة الخبر هي الحكم المستفاد منه -على ما سبق- وهذا الحكم قد يكون معلوما للمخاطب قبل الإخبار -كما علمت- فما وجه تسميته فائدة الخبر حينئذ؟ أجيب: أن ليس المراد بالفائدة ما يستفاد من الخبر فعلا، بل ما من شأنه أن يقصد بالخبر، ويستفاد منه وإن لم يستفد بالفعل.

ملحوظة: إن قصد المخبر إفادة وقوع النسبة لا يستلزم تحققها في الخارج. فإذا قلت لآخر: "محمد كريم"، أو قلت: "محمد ليس كريما" دل على ذلك ثبوت الكرم لمحمد في الواقع، أو عدم ثبوته له في الواقع، غير أن دلالته على ذلك لا تستلزم أن يكون الكرم أو عدمه متحققا في الواقع حقيقة لجواز أن يكون الخبر كاذبا، وإذًا فعدم تحقق النسبة في الواقع في القضية الموجبة، أو تحققها في الواقع في القضية السالبة احتمال عقلي نشأ عن كون دلالة الخبر على معناه وضعية، يجوز فيها تخلف الدال عن المدلول.

تنبيه:

علم مما تقدم أن القصد من إلقاء الخبر بمعنى الإعلام به, إما إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة الخبرية، أو إفادة أن المتكلم عالم بهذا الحكم، وهذا هو الغالب في استعمال الخبر.


١ أي: فليس التلازم بين ذات الحكم وذات العلم إذ لا تلازم بينهما فقد يتحقق الحكم ولا يعتقده المتكلم، وإنما التلازم بينهما باعتبار الإفادة. بمعنى أن إفادة الأول ملزومة لإفادة الثاني, ومن هنا يعلم أن ليس المراد بالعلم في هذه الملازمة خصوص التصديق بالحكم تصديقا جازما، بل المراد به مجرد حصول صورة الحكم في ذهن المخبر, سواء كان معتقدا له اعتقادا جازما أو غير جازم، أو غير معتقد له أصلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>