للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهاتان الصورتان خارجتان؛ لأنهما على خلاف المتبادر من قوله. بني الفعل أو ما في معناه له، وهو أن يكون البناء له، بحسب الواقع. فإذا زيد قوله: "عند المتكلم" دخل ما طابق الاعتقاد فقط، وهو إحدى الصورتين الخارجتين كقول الكافر المتقدم: أبرأ الطبيب المريض، وبقي ما طابق الاعتقاد والواقع داخلا في التعريف كقول المؤمن: "أبرأ الله المريض" وإنما تناول هذا القيد هاتين الصورتين؛ لأن الفعل فيهما مبني لما هو له -عند المتكلم- أي: في اعتقاده.

وخرج به ما طابق الواقع فقط، وهو إحدى الصورتين الداخلتين كقول الكافر: "أبرأ الله المريض"، وما لم يطابق واحدا منهما كالخبر الكاذب المتقدم, وإنما خرجت هاتان الصورتان -بهذا القيد- لأن الفعل فيهما لم يبن لما هو له -عند المتكلم- أي: في اعتقاده.

فإذا زيد قوله: "في ظاهر حال المتكلم" دخلت هاتان الصورتان؛ لأن الفعل فيهما بني لما هو له عند المتكلم في ظاهر حاله؛ لأن الظاهر من حاله أنه يسند الفعل إلى فاعله ما لم ينصب١ قرينة دالة على حاله, وحينئذ يتناول تعريف الحقيقة العقلية أقساما أربعة.

١- ما طابق الواقع والاعتقاد كقول المؤمن: "أنبت الله الزرع" فإن إخراج النبات في الواقع لله، وفي اعتقاد الكافر للغيث، ومحل ذلك إذا كان المخاطب يعلم أن المتكلم مؤمن، ينسب الآثار كلها لله، وعلم المتكلم منه ذلك إذ المفهوم من ظاهر حال المتكلم حينئذ أن الإسناد إلى ما هو له، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المخاطب مؤمنا أو كافرا٢ إذ المدار على اعتقاده بأن المتكلم مؤمن, فإذا اعتقد أن المتكلم كافر، يضيف الإنبات


١ المراد بنصبها ملاحظتها لتشمل قرائن الأحوال، وهذا يفيد أن المجاز لا يتحقق بمجرد وجود القرينة من غير ملاحظة دلالتها على المراد، ويكون الإسناد في هذه الحالة حقيقة فمدار الحقيقة والمجاز على ملاحظة القرينة, غير أنه لما كانت الملاحظة أمرا خفيا أدير الأمر على وجودها إن كانت مقالية وعلى ملاحظتها إن كانت حالية.
٢ المراد بالكافر من يعتقد نسبة التأثير لغير الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>