للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- إيهام١ صون المسند إليه عن لسانك من أن يتلوث بنجاسة بمروره عليه لكونه عظيما خطيرا, أو إيهام صون لسانك عنه لحقارته وامتهانه, فالأول نحو: "رافع راية التوحيد، هادم دعائم الشرك" تريد النبي -صلى الله عليه وسلم- فتحذفه مخافة أن يتلوث من لسانك. والثاني نحو قولك: "مخذول مطرود" تريد إبليس اللعين، فتحذفه لئلا يتلوث اللسان بذكره, وكما يكون الحذف لإيهام صونه عن اللسان أو عكسه يكون أيضا لإيهام صونه عن سماع المخاطب، أو عكسه.

٨- تأتي الإنكار وتيسره عند الحاجة إليه, مثال ذلك أن يحضر إليك جماعة من بينهم خصم لك، فتقول لآخر: "وغد لئيم" تريد هذا الخصم، فتترك ذكر اسمه ليتأتى لك الإنكار عند لومه لك على سبه، فتقول له: ما عنيتك وإنما أردت غيرك.

٩- تعين المسند إليه٢, إما لأن المسند لا يصلح إلا للمسند إليه، أو لأن المسند كامل فيه, وإما لأن المسند إليه معهود بين المتكلم والمخاطب, فمثال الأول قولك: "عالم الغيب والشهادة" تريد الله سبحانه، فتحذفه لتعينه إذ إن علم الغيب والشهادة وصف خاص به تعالى، لا يكون لسواه, ومثال الثاني: قولك: "عادل في حكومته" تريد عمر الفاروق، فتحذفه لتعينه؛ لأن صفة العدالة بلغت فيه الكمال, ومثله قولهم: "أمير الشعراء يريدون "شوقي"، فيحذفونه لتعينه لأن صفة الشاعر بلغت فيه الذروة, ومثال الثالث قولك: "حضر اليوم" تريد إنسانا معينا بينك وبين مخاطبك.

١٠- ادعاء تعين المسند إليه كقولك، "وهاب الألوف" تريد


١ إنما عبر بالإيهام؛ لأن التلوث المراد صون الذكر أو اللسان عنه أمر اعتباري محض.
٢ قيل إن ذكر الاحتراز عن العبث يغني عن ذكر التعيين؛ لأنه متى نعين المسند إليه كان حذفه احترازا عن العبث, وأجيب بأن القصد إلى التعين مغاير للقصد للاحتراز عن العبث، فقد يجوز أن يقصد أحدهما مع الذهول عن الآخر فتكون نكتة الحذف للبليغ قصد التعين دون الاحتراز وإن كان حاصلا, ويمكن أن يقال ذلك في سائر النكات التي يمكن اجتماعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>