للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كما بين سابقا- وأن اللفظ على الرأي الثاني لم يستعمل لا في المعنى الأصلي الإضافي ولا في المعنى العلمي، وإنما استعمل بادئ ذي بدء في لازم المعنى العلمي، فأبو لهب مستعمل ابتداء في "الجهنمي" اللازم للذات الكافرة المسماة بأبي لهب, ولم يستعمل في الشخص المعروف وهو "عبد العزى" لينتقل منه إلى كونه جهنميا, كما أن حاتما مستعمل ابتداء في الجواد اللازم للذات الكريمة، لا في الذات المعروفة وهي "عبد الله بن سعد الطائي" لينتقل منه إلى معنى الجواد.

وقد رد هذا الرأي من وجوه:

الأول: أنه يلزم على هذا التوجيه أن يكون قولنا: "جاء أبو لهب" أو قولنا: "جاء حاتم" استعارة١، لا كناية٢ لأن استعمال لفظ "أبو لهب" في لازم معناه وهو "الجهنمي" استعمال للفظ في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة في الكفر, كما أن إطلاق لفظ "حاتم" على لازم معناه وهو "الجواد" استعمال للفظ في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة في الجود, والقرينة في الموضعين مانعة من إرادة المعنى الأصلي، وهي استحالة مجيء حاتم الطائي، أو عبد العزى للعلم القاطع بموتهما، وهذا معنى الاستعارة بعينه.

الثاني: أنه يلزم عليه أنك إذا قلت: "رحل عنا أبو جهل" في شأن كافر لا يسمى بهذا الاسم، أو قلت: "هذا الرجل فعل كذا"، مشيرا إلى كافر كان هذا القول كناية عن الجهنمي, إذ إن منشأ الانتقال إلى


١ أي: إن اعتبرنا العلاقة المشابهة وإن اعتبرنا العلاقة الإطلاق والتقييد كان مجازا مرسلا من إطلاق المقيد وهو أبو لهب الذي نزلت فيه الآية على المطلق كافر ثم أريد به الكافر المخصوص المسمى بزيد مثلا ليكون مجازا مرسلا بمرتبتين.
٢ لأنها استعمال اللفظ في معناه ابتداء لينتقل منه إلى لازمه وهنا قد استعمل اللفظ ابتداء في اللازم على مذهب هذا القائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>