للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مبحث التشبيه]

[منزلة التشبيه من علم البيان]

...

[مبحث التشبيه]

منزلته من الاستعارة: اعلم أن اللفظ قد يستعمل في معنى لم يوضع له وهذا الاستعمال إن صحبته قرينة مانعة من إرادة المعنى الموضوع له كان اللفظ "مجازا" إذ قد تجوز به من المعنى الموضوع له إلى المعنى المراد -ولا بد- مع هذا- من وجود علاقة بين المعنى المنقول عنه اللفظ والمعنى المنقول إليه، فإذا كانت العلاقة المشابهة سمي اللفظ حينئذ استعارة" كما في نحو: "رأيت أسدا يخطب" فغن لفظ "أسد" مستعمل في الإنسان الجرئ، وهو معنى لم يوضع له لفظ "أسد"، والعلاقة بين المعنيين مشابهة الإنسان للأسد في وصف الجرأة.

فالتشبيه إذن سابق عن الاستعارةن ضرورة أنها مبنية على المبالغة في التشبيه، فهو إذن منها بمثابة الأساس من البناء، أو بمنزلة الأصل من الفرع -ومن هنا يعلم وجه تقديم بحثه على بحث المجاز.

[منزلة التشبيه من علم البيان]

اعلم: أن التشبيه من فنون البلاغة، له شأنه وخطره، فهو يدني القصين ويذلل العصي، ويكشف الخفي، ويكسب المعاني رفعة وشرفا، ويكسوها روعة وفخامة، ويبرزها في معارض الحس والعيان -وهو- إلى ذلك- كثير المباحث، متشعب النواحي.

وإليك جملة من الشواهد في مزايا التشبيه، تريك إجمالا منزلته من علم البيان، قال البحتري١:

دان على أيد الغفاة وشاسع ... عن كل ند في الندى وضريب


١ هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي الشاعر المطبوع أشهر من استحق لقب شاعر بعد أبي نواس، ومن أحسن قوله:
دنوت تواضعا وعلوت مجدا ... فشأناك انحدار وارتفاع
كذاك الشمس تبعد أن تسامي ... ويدنو الضوء منا والشعاع

<<  <  ج: ص:  >  >>