للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحميدة بأريج المسك في ارتياح النفس لهما -أو العكس كأن تشبه أريج المسك بالسيرة الحميدة في المعنى المذكور- فارطفان في هذه المثل ما بين عقليين أو حسيين أو مختلفين، ووجه الشبه في الجميع عقلي- كما رأيت.

وإنما صح هذا التعميم في الوجه العقلي لجواز قيام المعقول بالمحسوس، كقيام معنى الفصاحة، "بسحبان"، وكقيام معنى الشاعرية "بحسان" -ولجواز أن يدرك العقل أمرا معقولا في شيء محسوس لادراك معنى "الشجاعة" في عنترة، وكادراك معنى "البخل" في مادر ومعنى "العي" في باقل- ومن هنا قالوا: أن التشبيه بالوجه العقلي أعم من التشبيه بالوجه الحسي- وقد عرفت وجهه.

صورة من بديع الوجه المركب الحسي:

الوجه المركب الحسي صور بديعة -وذلك: أنه قد ينتزع الوجه المذكور من هيئة حركة الجسم، أو من هيئة سكونه- والأول ضربان:

١- أن يراعي مع الحركة شيء من أوصاف الجسم كالشكل واللون بحيث ينتزع الوجه من الأمرين جميعا: حركة الجسم، وشيء من أوصافه كما في قول الشاعر:

"والشمس كالمرآة في كف الأشل".

فإن وجه الشبه -على ما سبق- هو الهيئة المنتزعة من الحركة المتصلة مع الاستدارة، والإشراق المتموج المضطرب، بسبب حركة الجسم المذكورة فأنت تراه قد اعتبر مع حركة الجسم شيئا من أوصافه كاستدراته، وأنه ذو شعاع براق متموج، حتى أحدث هذا المنظر العجيب في مرأى العين: من انبساط تارة، وانقبضا أخرى- وأنك لو أنعمت النظر في الشمس لتبينت جرمه مؤديا هذه الهيئة، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>