للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تؤديها المرآة في كف الأشل١- ومثله قول الوزير المهلبي:

والشمس من مشرقها قد بدت ... مشرقة ليس لها حاجب

كأنها بوتقه أحميت ... يجول فيها ذهب ذائب٢

فإن البوتقة إذا أحميت، وذاب فيها الذهب تشكل بشكلها في الاستدارة، وأخذ يتحرك بجملته تلك الحركة العجيبة، فيخيل إليك: أنه ينبسط حتى يوشك أن يفيض من جوانبها لما في طبعه من النعومة، ثم تراه كأنه يعود إلى الانقباض لما بين أجزائه من التماسك والاتصال، ولو نظرت إلى الشمس عند مطلعها لرأيت جرمها على هيئة ما يشاهد في البوتقة المذاب فيها لاذهب- فقد اعتبر هنا كذلك مع حركة الجسم المذكورة وصفه من حيث استدارته، وإشراقه، وقد انتزع الوجه من مجموع الأمرين كالذي قبله.

٢- ألايراعي مع الحركة شيء من أوصاف الجسم، فيكون الوجه متتزعا من حركة الجسم وحدها، وولابد لهذاالضرب من وجود حركات كثيرة للجسم غلى جهات مختلفة٣ ليتحقق معنى التركيب في الوجه كما في قول ابن المعتز يصف البرق:


١ غير أننا نعلم أن الحركة السريعة في الشمس أمر خيالي لأنا نقطع بأن حركة الشمس ليست على ما نتخيل، وأولا هذا التخيل لرؤيت كالثابتة -بخلاف الحال في المرآة في كفي الأشل فإن الحركة المتصلة فيها أمر حقيقي.
٢ "البوتقة" وعاء خاص يذاب فيه الذهب أو الفضة.
٣ خرج بذلك حركة الرحى والسهم فلا تركيب فيها لأنها في اتجاه واحد -على أن إذا روعي مع هذه الحركة وصف الجسم من حيث استدارته واستقامته، وانتزع الوجه من المجموع كان مركبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>