للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: ما هذا يا حمزة؟ قال: فقلت: عليّ عهد الله والمشي إلى بيت الله والهدي إن كنت فعلتها، وما فعلها إلا هذه الجارية، قال: فغضب وخجلت الجارية وما قدرت على الكلام، ثم جاءتني أخرى فسرحتها، وسطع والله ريحها، فقال: ما هذا ويلك؟ أنت والله الآفة، فقلت: امرأتي طالق إن كنت فعلتها، فقال: وهذه اليمين لازمة لي إن كنت فعلتها، ثم قال للجارية: ويلك، ما قصتك؟ قومي إلى الخلاء إن كنت تجدين (١) شيئاً، وطمعت فيها فسرحت الثالثة فسطع ريحها ما لم يكن في الحساب، فغضب عبد الملك حتى كاد أن يخرج من جلده، ثم قال: يا حمزة، خذ بيد هذه الجارية الزانية فقد وهبتها لك، وامض فقد نغصت عليّ ليلتي، فأخذت بيدها وخرجت، فلقيني خادم فقال: ما تريد أن تصنع؟ فقلت: أمضي بها، فقال: والله لئن فعلت ليبغضنك بغضاً لا تنتفع به بعده، وهذه مائتا دينار، فخذها ودع هذه الجارية، فقلت: والله لا نقصتك من خمسمائة دينار، فقال: ليس إلا ما قلت لك، فأخذتها منه وأخذ الجارية، فلما كان بعد ثلاث دعاني عبد الملك، فلقيني الخادم فقال: هذه مائة دينار أخرى وتقول ما لا يضرك ولعله ينفعك؟ فقلت: ما هو؟ فقال: إذا دخلت إليه تدعي عنده أن تلك الفسوات الثلاث أنت فعلتهن، فقلت: هاتها، فلما دخلت وقفت بين يديه وقلت: الأمان يا أمير المؤمنين، فقال: قل، فقلت: أرأيت تلك الليلة ما جرى من الفسوات؟ قال: نعم، قلت: عليّ وعليّ إن كان فساهن غيري، فضحك حتى سقط على قفاه وقال: فلم ويلك ما أخبرتني؟ فقلت: أردت خصالاً، منها أن قمت وقضيت حاجتي، ومنها أخذت جاريتك، ومنها أني كافأتك على أذاك بمثله، حيث منعني رسولك من دفع أذاي، قال: وأين الجارية؟ قلت: ما خرجت من دارك، وأخبرته الخبر. فسر بذلك، وأمر لي بمائتي دينار أخرى، وقال: هذه لجميل فعلك، وتركك أخذ الجارية.

وأخبار حمزة كثيرة وكلها طرف.


(١) ص: تجدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>