للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومستودع البيان ومستقره، أحد من فراغ في وقتنا فنون المقال، في قالب السحر الحلال، وقيد شوارد الألباب، بأرق من ملح العتاب، وأروق من غفلات الشباب، اجتاز بالمرية، في بعض رحله الشرقية، وملكها يومئذ أبو يحيى بن صمادح فاهتز لعبد الجليل واستدعاه، وعرض له بجملة وافرة، فلم يعرج على ذلك، وارتحل عن بلده وقال:

دنا العبد لو تدنو به كعبة المنى ... وركن المعالي من ذؤابة يعرب

فيا أسفا للشعر ترمى جماره ... ويا بعد ما بين النقا والمحصب ومن عجيب ما اتفق أن عبد الجليل وأبا اسحاق بن خفاجة تصاحبا في طريق مخوف، فمرا بعلمين وعليهما رأسان، كأنهما بسر متناجيان، فقال ابن خفاجة:

ألا رب رأسٍ لا تحاور (١) بينه ... وبين أخيه والمزار قريب

أناف به صلد الصفا فهو منبر ... وقام على أعلاه فهو خطيب فقال عبد الجليل:

يقول حذار الإغترار فطالما ... أناخ قتيل بي ومر سليب قال: فما تم كلامهما حتى لاح قتام ساطع، كأن السيوف فيه برق لامع، فما تجلى إلا وعبد الجليل قتيل وابن خفاجة سليب، فكأنما كشف له فيما قال ستر الغيب.

ومن شعره يمتدح المعتمد بن عباد (٢) :

بيني وبين الليالي همة جلل ... لو نالها البدر لاستخذى (٣) له زحل

من أين أبخس لا في ساعدي قصر ... عن المساعي ولا في همتي خطل


(١) ر ص: تجاوز.
(٢) لم ترد في المطبوعة.
(٣) ص ر: لاستجدى.

<<  <  ج: ص:  >  >>