للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبرع في المذهب وهو شاب، وجلس للاشغال وله بضع وعشرون سنة، ودرس في سنة ثمان وأربعين، وكتب في الفتاوى وقد كمل الثلاثين، ولما قدم النواوي (١) من بلده أحضروه ليشتغل عليه، بعث به إلى الرواحية ليحصل له بها بيت ويرتفق بمعلومها (٢) ، وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار، وإذا سافر إلى القدس يترامى أهل البر على ضيافته، وكان أكبر من الشيخ محيي الدين النواوي بسبع سنين، وقيل إنه كان يقول: إيش قال النواوي في مزبلته؟ يعني الروضة وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يسميه الدويك لحسن بحثه، وقرأ عليه ولده برهان الدين وكمال الدين ابن الزملكاني وكمال الدين الشهبي وزكي الدين زكرى، وكان قليل المعلوم كثير البركة، ولم يكن له إلا تدريس الباذرائية مع ما له من المصالح.

دفن بمقابر باب الصغير، وشيعه الخلق وتأسفوا عليه؛ عاش ستاً وستين سنة وثلاثة أشهر. وله الإقليد في شرح التنبيه وهو جيد، وكشف القناع في حل السماع، رحمه الله.

ومن شعره لما انجفل (٣) الناس سنة ثمان وخمسين:

لله أيام جمع الشمل ما برحت ... بها الحوادث حتى أصبحت سمرا

ومبتدا الحزن من تاريخ مسألتي ... عنكم فلم ألق لا عيناً ولا أثرا

يا راحلين قدرتم فالنجاء لكم ... ونحن للعجز لا نستعجز القدرا وقال:

يا كريم الآباء والأجداد ... وسعيد الإصدار والإيراد

كنت سعداً لنا بوعد كريمٍ ... لا تكن في وفائه كسعاد


(١) ر: النووي (حيثما وقعت) .
(٢) المعلوم: الدخل أو المرتب.
(٣) ص: ان جفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>