للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وبعد أن بيّن الله حقيقة عيسى عليه السلام أمرهم بالإيمان به وبرسله {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي فصدقوا بأنّ الله واحد أحد لا ولد له ولا صاحبة، واعلموا وتيقنوا بأن عيسى عبد الله ورسوله، ولهذا قال تعالى بعد ذلك {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} أي لا تجعلوا عيسى وأمه مع الله شريكين.

ومن جهل النصارى وكفرهم أنهم اختلفوا على طوائف في شأن عيسى عليه السلام فمنهم من يعتقده إلهاً، ومنهم من يعتقده شريكاً ومنهم من يعتقده ولداً.. فهم طوائف كثيرة لهم آراء مختلفة وأقوال غير مؤتلفة، ولقد أجاد أحد المتكلمين حيث قال: لو اجتمع عشرة من النصارى لافترقوا عن أحد عشرة قولاً.

- ثمّ أكد الله تعالى نهيه بقوله: {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} أي اتركوا وتخلوا عن اعتقاداتكم الباطلة وادّعاءاتكم الفاسدة يكن خيراً لكم.

- ونزه الله تعالى من بعد ذلك ذاته عن قول النصارى بالتثليث فأثبت وحدته في الإلهية بأسلوب القصر {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ١.

مطلب: في بيان موضع التسبيح وصلته بما بعده:

- وبعد أن نزه الله نفسه عن الشريك بقوله {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} نزه نفسه عن الولد الذي هو منشأ التثليث عند النصارى فقال: {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} ومع ما تفيده كلمة (سبحانه) من قوة التنزيه لله تعالى، فإنها تدلّ أيضاً على غلط من قال بأنّ لله ولداً٢.


١ انظر: تفسير ابن كثير ج١ ص٥٨٩-٥٩١؛ تفسير القرطبي ج٦ ص٢٥؛ تفسير الخازن ج١ ص٦٢٧-٦٢٨.
٢ انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٦ ص٥٨.

<<  <   >  >>