للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلّها مستغرقة فيه، وله الغنى التام بكل وجه واعتبار من جميع الوجوه، فإذا كان غنياً من كلّ وجه فلأي شيء يتخذ الولد؟! i.

- ومن جهة أخرى لهذا النصّ الكريم في إثباته انتفاء الولد لله يقول صاحب محاسن التأويل (القاسمي) : " {هُوَ الْغَنِيُّ} أي الذي وجوده بذاته، وبه وجود كلّ شيء، فكيف يماثله شيء؟ ومن له الوجود كلّه فكيف يجانسه شيء؟! "ii.

والبرهان الثاني في قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} . وقد تقدم الكلام عنه فيما قبل بما فيه الكفاية والحمد لله.

أما البرهان الثالث فهو خطابه تعالى لهم بقوله: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} ؟.

والمراد: هل عندكم من حجة وبرهان على أنّ لله تعالى ولداً. فلو كان لهم دليل لأظهروه. فلمّا تحدّاهم وعجّزهم على إقامة الدليل عُلِم بطلان ما قالوه، وأنّه قول بلا علم. ولهذا وبّخهم عزّ وجلّ بقوله بعد ذلك: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} فالاستفهام -هنا- مستعمل في التوبيخ والتقريع لأنّ المذكور بعده شيء ذميم واجتراء عظيم وجهل مركّب كبير iii.

* لطيفة:

دلّت الآية الكريمة في قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} على تسمية الحجة والبرهان سلطاناً؛ وذلك لما يكسب المستدلّ بهما سلطة واقتداراً على مخالفيه ومجادليه.

والذي يلحظ من كلام المفسرين أنّ أكثر ما جاء في القرآن في معنى السلطان فهو الحجة والبرهان iv.


i انظر: تفسير الطبري ج١١ ص٩٨؛ تفسير السعدي ج٣ ص٣٧١؛ تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور ج١١ ص٢٣٠.
ii محاسن التأويل للقاسمي ج٩ ص٦٢.
iii انظر: تفسير السعدي ج٣ ص٣٧٢؛ التحرير والتنوير ج١١ ص٢٣٢.
iv انظر: نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر لابن الجوزي ص ٣٤٤-٣٤٥؛ قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر للدامعاني ص ٢٤٢-٢٤٣؛ محاسن التأويل للقاسمي ج٩ ص٦٢-٦٣.

<<  <   >  >>