للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولد i. وفي هذا الكلام نفي للولد على أبلغ وجه وأتمّ عبارة وأحسن أسلوب وهو مثل قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ii وقد علم أن الحق معه وأنّ مخالفيه في ضلال مبين.

ويشابهه -أيضاً- قول الرجل لمن يناظره: إن ثبت ما تقوله بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول به iii.

- وفي هذا الأسلوب القرآني الكريم ما لا يخفى من سلوك طريق المساهلة والإلطاف في الخطاب وإرخاء العنان وصولاً إلى تبكيت المجادلين والمعرضين عن الحق وإفحامهم iv.

مطلب: في بيان موضع التسبيح وصلته بما قبله:

- ولمّا أقام الله - تبارك وتعالى - الحجة على المشركين الذين نسبوا إليه الولد- في الآية السابقة على ما بينته في أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بمهاجمتهم؛ نزه الله ذاته العليّة تنزيهاً تاماً عمّ يصفونه به من نسبة الولد إليه. وفيه معنى التذييل للآية السابقة. فقال عز وجل: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} .

- ثمّ إنّ في تسبيحه ذاته المقدّسة بذكر وصفه تعالى بربوبية السموات والأرض والعرش {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ} ما يشير إلى أمرين:

أحدهما: بيان عظمة شأنه -تعالى- وجلالة قدره، فربّ أعظم المخلوقات وهي السموات والأرض والعرش جدير بالتنزيه عن الولد وعن كلّ ما لا يليق بكماله وجلاله v.


i انظر: تفسير الطبري: ج٢٥ ص٦١؛ فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٥٤٢-٥٤٣.
ii سورة سبأ: الآية (٢٤) .
iii فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٥٤٣.
iv انظر: تفسير الطبري ج٢٥ ص٦١؛ تفسير الألوسي ج٢٥ ص١٠٤.
v انظر: أضواء البيان للشنقيطي ج٧ ص٣١٠.

<<  <   >  >>