للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[تعريف المزارعة والمخابرة في الاصطلاح]

...

واختلف٦ الناس في المزارعة والمخابرة فقال قوم: هما بمعنى واحد وهو دفع الأرض إلى من يزرعها ببعض ما يخرج منها سواء كان البذر من صاحب الأرض أو من العامل٧


٦ أي اختلفوا في المعنى الشرعي للمزارعة والمخابرة.
٧ قال بذلك بعض الشافعية فقد ذكر القفال في حلية العلماء ٥/٣٧٨ أن معناهما واحد قال ومن أصحابنا من قال المزارعة غير المخابرة. وانظر فتح العزيز مع تكملة المجموع ١٢/١١٠ والروضة ٥/١٦٨، وتحرير ألفاظ التنبيه: ٢١٧ فقد نقلوا ذلك عن بعض الشافعية بل نقل النووي في الروضة ٥/١٦٨ عن صاحب البيان أنه قال: "قال أكثر أصحابنا: "هما بمعنى", لكن قال النووي: "لا يوافق عليه" - أي لا يوافق صاحب البيان على ما قال - وقال بذلك بعض الحنابلة ومنهم ابن قدامة وابن الجوزي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم. قال المرداوي: "وهو أقوى دليلا - أي هذا القول - انظر المغني ٧/٥٥٥ -٥٥٦. ومجموع الفتاوى ٢٩/١١٧، ١٢٩، والقواعد النورانية ٢٠٠، ٢٠١ والإنصاف ٥/٤٨٣ وممن قال أنهما بمعنى واحد الحنفية انظر مختصر الطحاوي: ١٣٣ والمبسوط ٢٣/٢ والهداية ٤/٥ وممن يرى أنهما بمعنى واحد البخاري صاحب الصحيح فقد قال: "باب المزارعة بالشطر ونحوه". وأورد في هذا الباب أثر عمر قال البخاري: "وعامل عمر الناس على إن جاء بالبذر من عنده فله الشطر وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا". قال ابن حجر في الفتح ٥/١٢: "نعم إيراد المصنف هذا الأثر وغيره في هذه الترجمة ما يقتضي أنه يرى المزارعة والمخابرة لمعنى واحد". اهـ.
وقد قال أبو عمر بن عبد البر – بعدما أورد حديث جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة"- قال: "المخابرة عند جمهور أهل العلم على ما في هذا الحديث من كراء الأرض بجزء مما تخرجه وهي المزارعة عند جميعهم فكل حديث يأتي فيه النهي عن المزارعة أو ذكر خبر المخابرة فالمراد به دفع الأرض على الثلث والربع والله أعلم فقف على ذلك واعرفه" اهـ. التمهيد ٢/٣٢١.
قلت: ومما يدل على أن معناهما واحد ما جاء في سنن أبي داود ٢/١٦٢ عن ثابت بن الحجاج عن زيد بن ثابت قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة, قلت: والمخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع".
وأيضا فأكثر من جوز المزارعة لم يفرق بينهما وبين المخابرة ولم يشترط أن يكون البذر من العامل كما سيذكره المؤلف فيما بعد.

<<  <   >  >>