للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" ٩ "

[تحوير الحكم والأمثال اليونانية في صورة نظم]

ما تقدم في الفصل السابق من تحوير الأدب السياسي المنسوب إلى يونان في أسلوب نثري جزل مسجوع، يجمع بين ما ظنه أصحابه من جمال المحتوى والشكل معا، كان؟ فيما يراه - مسبوقا بحركة أخرى، أوغل في الزمن، تم فيها نقل الأمثال والحكم من صورتها النثرية إلى نظم؛ هي حركة تستطيع أن تسميها ترجمة من العربية إلى العربية، سواء أكانت الأصول يونانية أو فارسية، وهذه الحركة تتمثل في ثلاثة تيارات، أولها: ظاهر جلي، ذو حدود واضحة وإمارات شاهدة، وذلك يتمثل في ما قام به أبان اللاحقي وسهل بن نوبخت وعلى داود في نقل كليلة ودمنة إلى الرجز، وفي نقل حكم الهند وغيرها (١) ، وهي حركة تصميمية عامدة، كانت تخضع لرغبة بعض المولعين بالثقافات الأجنبية، فقد ذكر محمد بن داود في طبقات الشعراء أن يحيى بن خالد اشتهى حفظ كتاب كليلة ودمنة، فقلبه له أبان شعرا ليسهل عليه حفظه (٢) ، والثاني تيار لا لا حدود له، رأى في الحكم والأمثال ملكا شعبيا، يستطيع كل من شاء أن يستمد منه وأن يتصرف به حسبما يحلو له، وقد مر بنا من نقل الحكايات في صورة شعر مثل واضح في قصة الذئب والحمل (٣) ، ويمكن أن يضاف إلى ذلك أمثلة أخرى، منها قول


(١) الفهرست: ١١٩ حيث ذكر أن أبانا نقل كتاب حكم الهند.
(٢) الجهشياري: ٢١١.
(٣) انظر ما تقدم ص: ٧٨ (رقم: ٢) .

<<  <   >  >>