للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يلفظوا بكلام لا معنى تحته " فإذا استبان ذلك لطف موقعه لديه (١) . وللعرب مثل عليا هي متكأهم في المدح والهجاء " منها في الحلق: الجمال والبسطة، ومنها في الخلق: السخاء والشجاعة والحلم والحزم والعزم والوفاء والعفاف والبر والعقل والأمانة؟.. " (٢) فهذه مما يمدح به كما إن أضدادها تصبح موضوعاً للهجاء. على ان هناك حالات تؤكد هذه المثل، فالجود في حال العسر أهم من مجرد الجود، والبخل من الواجد القانع أشنع، وهكذا تتخذ هذه المثل نفسها مراتب متفاوتة تتشعب منها فنون من القول وصنوف من التشبيهات، وما من شك في أننا هنا نقترب اقتراباً شديداً من نظرية قدامة في هذا الصدد. كما سنبين ذلك في موضعه، ولكن يبدو أن كلاً من الناقدين كان يعمل على حدة دون أن يتأثر أحدهما برأي الآخر أو يسمع به.

للعرب إذن طريقة خاصة في التشبيه من وحي بيئتهم ولهم مقاييس يعتمدونها في المدح والذم؛ ولهم أيضاً سنن من معتقدات لا تفهم معانيها إلا بالتحصيل، وهي أشبه بالمنجم الأسطوري الذي لا بد للشاعر أن يغترف منه عند الحاجة، كسقيهم العاشق للماء على خرزة تسمى السلوان، وكضربهم الثور إذا امتنعت البقر عن الماء، وكحذف الصبي منهم سنه إذا سقطت في عين الشمس، وغير ذلك (٣) ، وكل ذلك يمثل " السنة " الكبرى التي يجدر بالشاعر ان يثقفها ليجيء شعره كأشعارهم.


(١) عيار الشعر: ١١.
(٢) نفسه: ١٢.
(٣) انظر عيار الشعر ٣٢ - ٤٠.

<<  <   >  >>