للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الاشتركويي ومقاماته اللرومية

واتخذ محمد بن عبد الله بن يوسف الاشتركويي (- ٥٣٨) (١) صاحب " المقامات اللزومية " في مقامتين من مقاماته، الشكل الذي جرى عليه ابن شرف من قبل في " رسائل الانتقاد " إلا أن السرقسطي لم يتصد لنقد الاندلسيين، وكان اقل احتفالاً من ابن شرف بالتحليل وذكر العيوب واستقصائها ولا يتعدى ما يورده في المقامة أبرز ما عرف عن الشاعر، أو ما قاله حوله النقاد الأقدمون من أحكام مجملة. فالفرزدق " بنحت من صخر " وجرير " يعرف من بحر " وذو الرمة ماهر في الوصف مقصر في المدح والهجاء: " إذا وصف المنازل والمراحل والظعائن والرواحل، والأوانس والحبائب، والسباسب والركائب، والأحياء والحلال، والافياء والظلال، وطرحته الطوارح، وتعرضته السوانح والبوارح، ثم شبب بمي ونسب، فقد كفى وأحسب، فخذه وصافاً وصداحاً، ولا ترده هجاء ولا مداحاً " (٢) ؛ وتعد وقفته عند ذي الرمة من الوقفات الطويلة في مقامته وإن كان من الممكن إيجاز حكمه في كلمات، وإذا حكمنا بطول الجمل المسجوعة على مدى اهتمامه بالشاعر وجدنا انه أطال الوقوف نسبياً عند عمر بن أبي ربيعة (٢٦ سجعة) وجميل (١٦ سجعة) وكثير (١٠ سجعات) وهؤلاء هم شعراء غزلون، وذو الرمة أحدهم؛ ولا يداني هؤلاء عدداً إلا أبو فراس (٢١ سجعة) وقد يتضح من هذه المقارنة مدى اتساع القول لديه في من يؤثرهم من الشعراء إذا تذكرنا أن أبا نواس لم يفز منه إلا بثماني سجعات؛ غير انه لا يزال يعد الفحولة مقياساً هاماً، ولهذا يعيب عمر ابن أبي ربيعة بأنه " قصر عن مدى الفحول " ولكنه حط كثيراً على بشار " حرم فصاحة الأعراب ولم يفطر على الإعراب " ومزج المدح بالذم حين ذكر أبا تمام " بئس ما أفصح عن المعاني وعبر " وحين ذكر ابن الرومي


(١) انظر ترجمته في الصلة: ٥٥٦.
(٢) من المقامة الموفية ثلاثين، الورقة: ٧٢ وما بعدها.

<<  <   >  >>