للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" كثيراً ما أقول هو الشاعر ثم أرى أنه الصادح الناعر؟ حاطب ليل وزاعب سيل "؛ وقد ختم حديثه عن الشعراء بمهيار الديلمي. وكانت مقامته مقصورة على تقييم المشارقة حتى عصر مهيار (القرن الخامس) .

عودة مكرورة إلى المفاضلة بين الشعر والنثر

ولما عقد مفاضلة بين الشعر والنثر في المقامة الخمسين، لم يقل شيئاً يستحق أن نتوقف عنده، وغنما كان قوله ترديداً للعموميات التي جاء بها من سبقوه.

إن هاتين المقامتين اللتين اتخذتا النقد موضوعاً لهما، زادتا من يقيننا بان شكل المقامة لم يكن صالحاً للنقد، لا لأنها موجزة وحسب. بل لأن بناءها على السجع كان يزيد في صدرها ضيقاً عن الخروج بآراء دقيقة؛ وبهذا تكون المقامة - فيما عدا استثناءات يسيرة - ارتداداً عن النقد التحليلي وعودة إلى النشاط النقدي الذي كان سائداً في النقد العربي قبل مطلع القرن الثالث.

ابن بسام الشنتريني والعودة إلى ابن حزم

ولعل ابن بسام الشنتريني (- ٥٤٢) صاحب " الذخيرة " هو أكثر النقاد بالأندلس - في القرن السادس - احتفالاً بقواعد النقد وتطبيقها. وهذا ما نلمحه في الأساس النقدي الذي يقوم عليه كتاب الذخيرة، لأن ابن بسام لم يكتب في النقد الأدبي شيئاً مستقلاً. ويمكن ان نقول إن مذهب ابن بسام في النقد يقوم على ركيزتين كلتاهما تتصل بابي محمد ابن حزم: إحداهما ركيزة الدفاع عن تراث الأندلس الأدبي عامة. والثانية: النظرة الأخلاقية في الحكم على بعض الفنون الشعرية؛ وقد شفع ابن بسام هذه الفلسفة بمواقف تطبيقية تناول فيها بعض الشئون الأدبية وخاصة قضية السرقة.

<<  <   >  >>