للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أحداً تكلم في نقد الشعر وترصيفه أحسن مما (أتى) به الناشئ المتكلم، وان كلامه ليزيد على كلام قدامة وغيره وله مذهب حلو وشعر بديع واحتفال عجيب " (١) . وهذه شهادة قيمة لما نعرفه من ذوق أبي حيان ونفاذ نظراته وسداد رأيه. ويبدو أن الناشئ قد خص النقد الأدبي بالتأليف المفرد. لقول أبي حيان " وقال الناشئ أبو العباس في نقد الشعر " (٢) . ولكن النقول التي اقتبها أبو حيان في القسم المنشور من كتاب البصائر تدل على نزعة أدبية خالصة في الكلام على الشعر، فلعل أبا حيان إنما اعجب فيها بتدفق الأسلوب وبراعة العرض.

تعريفه للشعر.

فالناشئ يقول في تعريف الشعر ووصفه: " الشعر قيد الكلام وعقال الأدب وسور البلاغة ومحل البراعة ومجال الجنان ومسرح البيان وذريعة المتوسل ووسيلة المترسل وذمام الغريب وحرمة الأديب وعصمة الهارب وعذر الراهب وفرحة المتمثل وحاكم الأعراب وشاهد الصواب " (٣) . فهذا التعريف يشير إلى طبيعة الشعر (من حيث أنه مقيد بإيقاع ولذا فهو يتطلب براعة خاصة) وإلى ما يحققه من مهمات، فهو وسيلة الشاعر إلى استفتاح المغلق وعون للكاتب المترسل وسبيل للاعتذار وموطن للتمثل وإيراد الشواهد النحوية واللغوية.


(١) البصائر ٢: ١١٧.
(٢) نفسه: ٢٧٣، وانظر: ٦١٩.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <   >  >>