للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اقتباسات، منها هذه الثلاثة، واقتباس رابع أورده ابن رشيق في " العمدة " (١) ، ولم يقطع انه لأبي العباس الناشئ، وقد أورده بالمعنى، للدلالة على تفضيل الشعر قال: العلم عند الفلاسفة على ثلاثة طبقات: أعلى وهو علم ما غاب عن الحواس فأدرك بالعقل أو القياس، وأوسط: وهو علم الآداب النفسية التي أظهرها العقل من الأشياء الطبيعية كالأعداد والمساحات وصناعة التنجيم وصناعة اللحون، وأسفل: وهو العلم بالأشياء الجزئية والأشخاص الجسمية فوجب، إذا كانت العلوم: أفضلها ما لم يشارك فيه الجسوم، ان يكون افضل الصناعات ما لم تشارك فيه الآلات، وإذا كانت اللحون عند الفلاسفة أعظم أركان العمل الذي هو أحد اسمي الفلسفة وجدنا الشعر اقدم من لحنه لا محالة، فكان اعظم من الذي هو اعظم أركان الفلسفة، والفلسفة عندهم علم وعمل ". ولسنا نقول شيئاً في هذه العبارة سوى إنها سفسطة قائمة على المغالطة. ويسمي ابن رشيق كتاب أبي العباس الناشئ " تفضيل الشعر " (٢) ، ولا نعلم أهو الكتاب الذي سماه أبو حيان " نقد الشعر " أم هو كتاب آخر.

اثر الاعتزال في النقد

ومهما تكن طبيعة هذه المحاولة، فأن نسبتها إلى الناشئ الأكبر أمر هام لأنها تؤكد أن الدوائر الاعتزالية كانت من اكثر المجالات اعتصاماً بالنقد سواء منه ما تناول الخطابة وما تناول الشعر، وقد مكننا هذا الكشف من أن لا نقصر الحديث - إذا نحو ذكرنا اثر الاعتزال - على بشر بن المعتمر والجاحظ، بل زاد في أملنا في العثور على جهود اعتزالية أخرى، وقد اندفع المعتزلة نحو استبانة المقاييس البلاغية والنقدية لعاملين كبيرين:

(١) أولهما أن البلاغة عنصر هام في الإقناع، والإقناع غاية الجدل


(١) العمدة ١: ٨.
(٢) العمدة١: ١٣٤.

<<  <   >  >>