للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التناسب بين المعاني والألفاظ. فكانت في روحها متفقة مع ما أورده بشر ابن المعتمر.

(٢) وثانيهما: إيمان المعتزلة - رغم دراستهم للثقافات الأجنبية وتأثرهم بها - أن الشعر العربي مصدر من مصادر المعرفة الكبرى ووعاء لها، أما أنه مصدر من مصادرها فذلك واضح في مقدار ما يتيح لدارسيه من معارف في الحيوان والأنواء والنبات والأشربة وغير ذلك، وأما انه وعاء لها فلأنه يمكن بشر بن المعتمر من أن ينظم قصائد في الحيوان، ويمنح الناشئ وسيلة صالحة - في نظره - ليتحدث عن أنواع المعارف في أربعة آلاف بيت، ويتيح لصفوان الأنصاري شاعر المعتزلة ان يتحدث عن الفلزات وخيرات الأرض (الطين) رداً على بشار. وإلى جانب هذه الميزة الثقافية يضطلع الشعر بمميزات تتصل بحاجات النفس الإنسانية، ولهذا الشرف في منزلته فإنه حقيق بالتمحيص والدرس والنقد.

تأثر النقد بالوقفة ضد الشعوبية

ويمنح هذا الإيمان أصحابه قوة في وقفتهم ضد الشعوبية لأن الشعر في تصور هؤلاء المدافعين عن العرب تراث عربي خالص، ليس هناك ما يشبهه لدى الأمم الأخرى إلا شبهاً عارضاً، ومن هنا كان إيمان الجاحظ بالصلة بين الشعر والعرق، ثم بين الشعر والغريزة، ومن هنا كان الاتجاه نحو القول بالإعجاز في النظم، لكي يتميز القرآن عن كتب الحكمة الفارسية وأشباهها، وكذلك كان تمسك هؤلاء العلماء بالمصطلح البدوي في النقد، ثم تمسكهم بالطريقة التقليدية في بناء القصيدة - إلى حد ما - لان في كل ذلك دفاعاً عن الموروث العربي ضد الشعوبية.

<<  <   >  >>